لغةً .. صحيح فعيل صفة مشبهة بمعنى فاعل، من الصحة وهى الخلو من العلل والأمراض. والصحة فى اللغة ذهاب المرض والبراءة من كل عيب، وهى حقيقة فى الأجسام والأبدان وفى المعانى على جهة الاستعارة، يقال: صح هذا القول أى سلم من الخطأ، وصحت الصلاة أى أجزأت .. كل هذا على سبيل المجاز.
ومن هذا القبيل وصف المحدثين للأخبار التى رجح صدقها، وسلمت من العلل المعنوية بقولهم: حديث صحيح.
واصطلاحاً .. تفاوتت عبارة العلماء فى تعريفه، وأشهر التعريفات هى: ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه، ولا يكون شاذا ولا معللا بعلة قادحة.
ومن خلال التعريف السابق يتبين لنا شروطه وهى:
1 - الاتصال: ويقصد به المعاصرة، واللقاء، والسماع بين الراوى والمروى عنه.
2 - العدالة. ويقصد بها أن يكون الراوى مسلما، بالغا عاقلا، سالما من أسباب الفسق
وخوارم المروءة، فالعدالة: أمر يتعلق بالديانة. وعرف بعضهم العدالة بأنها: هيئة راسخة فى النفس من الدين تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة .. 0 (1)
3 - الضبط: ويعنى به سماع العلم كما ينبغى أن يكون، وفهم معناه؛ والاحتفاظ به إلى أن يحتاج إليه فى درس أو فتوى ... الخ
وهو نوعان: ضبط صدر .. وضبط سطر. وقسمه بعضهم إلى ضبط ظاهر: وهو ضبط الحديث بمعناه من حيث اللغة، وضبط باطن: وهو فقه متن الحديث من حيث تعلق الحكم الشرعى به ..
والأول هو المراد عند أكثر العلماء. (2)
فالضبط أمر يتعلق بالعلم تحملا وأداء.
4 - عدم الشذوذ: والمراد أن لا يخالف راوى الصحيح غيره الأوثق منه، أو مجموعة من الثقات.
5 - عدم العلة القادحة: وهى عيب غامض فى الحديث لا يطلع عليه إلا الحاذق الماهر.
وقد قسم العلماء الحديث الصحيح إلى قسمين:
(أ) صحيح لذاته: وهو كل حديث اتصل سنده بنقل عدل تام الضبط من غير شذوذ ولا علة قادحة.
(ب) صحيح لغيره: وهو ما اتصل سنده بنقل عدل قل ضبطه عن الدرجة العليا وتوبع بطريق آخر مساو أو راجح، أو بأكثر من طريق إن كان أدنى، وكان غير شاذ ولا معلل.
فالفارق بين القسمين هو الضبط فإن كان الراوى تام الضبط فحديثه من قبيل الصحيح لذاته وإن كان ضعيف الضبط وورد من طريق آخر فحديثه صحيح لغيره.
أ. د/ مصطفى محمد أبو عمارة