14 - حديث الآحاد

لغة: جمعُ مفرده: أحد بمعنى واحد، لأنه مأخوذ من الوحدة، وإنما قيل للحديث، آحاد، لأنه رواية الآحاد، فهو إما من باب حذف المضاف، أو من باب تسمية الأثر باسم المؤثر مجازا، لأن الرواية أثر المروى. (1)

واصطلاحا: المراد به عند الجمهور: ما لم يبلغ حد التواتر.

وقيل: هو ما يرويه الواحد أو الاثنان عن الواحد أو الاثنين حتى يصل به إلى النبى (صلى الله عليه وسلم).

وبناء على هذا التعريف نرى أن ظاهر التسمية ليس مرادا، فليس المراد بخبر الواحد ما ينقله الواحد، بل: كل خبر عن جائز ممكن لا سبيل إلى القطع بصدقه، ولا إلى القطع بكذبه، لا اضطرارا ولا استدلالا، سواء نقله واحد، أو جمع منحصرون فهو خبر آحاد. (2)

لكن يخرج عن هذا التعريف خبر المعصوم جميع، فهو يفيد الصدق قطعا فيما يخبر عن الغيبيات رغم أنه خبر واحد، وإن كان ابن الأثير لا يعده من أخبار الآحاد وقد قسم العلماء خبر الآحاد إلى: مشهور، وعزيز، وغريب.

وإن كان الأحناف يرون أن المشهور فى منزلة أعلى من الآحاد ودون المتواتر (3). فقسمة الخبر عندهم ثلاثية: متواتر، ومشهور، وآحاد.

فالمشهور عند جمهور المحدثين: كل خبر له طرق محصورة أكثر من اثنين، وسمى بذلك لوضوحه، ويسميه بعض الفقهاء (مستفيضا) مثل حديث (إنما الأعمال بالنيات) أما المشهور عند الأحناف فهو فى الأصل آحاد، ثم انتشر فصار ينقله قوم لا يتصور تواطؤهم على الكذب وهم- خاصة- أهل القرن الثانى والثالث (4)

والعزيز .. كل خبر لا يرويه أقل من اثنين عن اثنين؛ بمعنى أن تتحقق الاثنينية فى أى طبقة من طبقات السند بحيث لا تقل أى طبقة عن اثنين وسمى عزيزا إما لقلة وجوده من عزّ يعَزّ، وإما لكونه قويا واشتد بمجيئه من طريق آخر، من عز يعَزّ؛ ومثاله حديث أبى هريرة مرفوعا (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده).

والغريب .. أن ينفرد برواية الخبر شخص واحد فى أى طبقة من السند، ويسميه بعض المحدثين بالتفرد، ومثاله حديث النهى عن بيع الولاء وهبته. تفرد به عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضى الله عنهما.

وأخبار الآحاد الصحيحة المروية عن النبى (صلى الله عليه وسلم) قسمها المحدثون إلى سبعة أقسام:

أحدها: أحاديث البخارى ومسلم وهو المعبر عنها بالمتفق عليه.

ثانيها: ما انفرد به البخارى ومسلم.

ثالثها: ما انفرد به مسلم عن البخارى.

رابعها: ما خرجه الأئمة بعدهما على شرطهما.

خامسها: ما خُرِّج على شرط البخارى وحده.

سادسها: ما خُرِّج على شرط مسلم وحده.

سابعها: ما أخرجه بقية الأئمة كأبى داود والترمذى والنسائى وابن ماجة وغيرهم من أئمة الحديث ..

أما عن حكم خبر الآحاد .. فيرى جمهور أهل العلم من الفقهاء والأصوليين أنه يفيد ظنا، ولكنا مأمورون بالتعبد به، فهو حجة يجب العمل بة حتى وإن أفاد الظن. ويرى المحدثون أنه يفيد علما، ولعلهم يقصدون أنه يفيد العلم بوجوب العمل به، أو أنهم سموا الظن علما، ولذا ورد على لسان بعضهم قوله:

إن خبر الآحاد يورث العلم الطاهر. (5)

أ. د/ مصطفى محمد أبو عمارة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015