التتار أو التتر: هم أمة من الجنس الأصفر بلادها ممتدة من الجنوب الشرقى لروسيا إلى غربها وهى شعوب متميزة منهم: (الياقوتية، والجيرجيزية، والساموية)، والترك العثمانيون، (1) وكثير من المؤرخين لم يميزوا بين التتار والمغول حينما تناولوا الغزو على الدولة العباسية على اعتبار أنهما مشتركين فى الغزو تحت قيادة واحدة، وبينهما قرابة واضحة فى الجنس ومن المعلوم أنهم قبائل مختلفة لكل منهم حدوده الجغرافية.
وأشهر طوائف هذا الشعب تتر كنشاه، وكان الروس تحت حكمهم قبل القرن العاشر الميلادى، وتتر استراخان، وتتر القرم، وتتر القازان، وتتر ارنبورغ، وتتر سيبيريا.
وعَرَفَ التاريخ الإسلامى التتار بصورة شرسة فى القرن السابع الهجرى الثالث عشر الميلادى، فقد اجتاحت موجة من الغزو المغولى والتترى أواسط آسيا، واستمرت فى مسيرها غرباً حتى اقتربت من حدود الدولة العباسية التى كانت فى نزعها الأخير. وكانت الغارة التتارية الأولى على البلاد الإسلامية بقيادة "جنكيزخان " الذى كان نائب " الخان الأعظم "سنة 616 هـ، وأصيبت الدولة الخوارزمية الإسلامية من جراء غارته بخسارة فادحة وتدمير كبير، فى عهد ملكها خوارزم شاه.
وزحفت جيوش التتار بقيادة "هولاكو" وقصدت قصر بغداد سنة 656 هـ، فلم تقو الحاضرة العربية الكبرى على الثبات أمام ذلك السيل الجارف، وسقطت فى يد التتار، بعد ما كان من حوادث فظيعة، وأفعال شنيعة، لم ينج منها صغير ولا كبير، ولا سوقة ولا أمير، ومن نجا من القتل لم ينج من الحرق أو الغرق. حقى الكتب فقد ذكر أن مكتبة بغداد قد ألقيت فى نهر دجلة حتى قيل: إن الخيول قد عبرت عليها.
ولم تمض على غزوة التتار المخربة وسقوط بغداد أكثر من سنة واحدة حتى كانت جيوش التتار منحدرة كالسيل الجارف متجهة بغزوها نحو مصر إلا أن قبائل العرب وبطونهم تجمعت بمصر وصاروا يدا واحدة مع الملك المظفر "قطز" للقاء التتار. وكان اللقاء فى "عين جالوت " ثم "بيسان " فانتصر عليهم.
وفى أوائل القرن الثامن الهجرى حدث بين التتار حادث عظيم، وتطور جديد جعلهم يعتنقون الإسلام ويتركون الوثنية، وأول من جعل الإسلام دين التتر هو الملك غازان بن أرغون حفيد هولاكو.
وفى العصر الحديث أجمع بعض المؤرخين على أن أهم الصفات التى تمييز هذا الشعب عامة: السماحة، وقد وصفهم "البارون ماكستوزن " بصفات تكاد تكون شعرية محضة حيث قال: التترى مسلم غيور متمسك بدينه، ولكنه على جانب كبير من التسامح بالنسبة لمن يتدين بغير دينه، فهو نزيه من آثار الحقد المذهبى.
(هيئة التحرير)
1 - دائرة معارف القرن العشرين- محمد فريد وجدى 2/ 538، طبعة دار المعرفة، بيروت الطبعة الثالثة 1971م.