والدلالة الثانية: أن خبر الواحد غير مقبول في القضاء, لأن فيه إلزاماً على المدعى عليه، والالزام في القضاء لا يصح إلا بشاهدين. أو رجل وامرأتان في غير الزنا حيث يشترط في إثبات واقعة الزنا أربعة شهود.
والدلالة الثالثة: أن خبر الجماعة - اثنان فأكثر - يلزم في الدين وفي القضاء. أما في الدين فلما كان خبر الواحد حجة ملزمة فخبر الجماعة أولى بالقبول. وأما في القضاء فقد سبق أن خبر الواحد غير مقبول فيه لوجود التهمة، وأما خبر الجماعة فأبعد عن التهمة.
الأَحاديث الصحيحة والحسنة أخبار آحاد، وهي حجة ملزمة في أمر الدين، وإن كان راوي أحدها واحداً فقط. لاستيفائها شروط القبول - ما لم يكن هناك معارض كما سبق -
فحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "بطهارة ماء البحر وحل ميتته" (?) حديث حسن صحيح يجب العمل به والمصير إليه، ولا يجوز أن يأتي إنسان ويقول إن ماء البحر ليس طهوراً لملوحته، أو أن ميتة البحر ليست حلالاً على الإطلاق.
ومنها: إذا شهد واحد عند القضاء والمنازعة في قضية فلا تقبل شهادته وحده ولو كان عدلاً؛ لأن الشهادة عند القضاء من باب الإلزام، والإلزام لا يثبت بخبر الواحد.
ومنها: إذا شهد جماعة - اثنان فصاعداً: أن فلاناً قتل فلاناً - فيؤخذ بقولهم إذا كانوا عدولاً. ولكن لو كان الشاهد واحداً فلا تقبل شهادته.