وكان أكثر عونا للصليبيين وأشد خطرا على كل محاولة إسلامية لقتالهم فرقة الحشاشين الذين عرفوا بالقتل والتدمير وأصبحوا أداة غادرة بيد الصليبيين موجهة ضد المسلمين. فكان ما أقدموا عليه من اغتيالات ضد القادة المسلمين موضع ترحيب وتقدير من قبل الصليبيين بعد أن وجدوا فيهم ضالتهم المنشودة فسارعوا للتحالف الوثيق معهم وكان هذا التحالف واضحا عندما زحف المسلمون على الصليبيين حتى بلغوا طبرية في فلسطين بقيادة مودود وطغتكين سنة 1113م فأغضب هذا الباطنية فعملوا على قتل مودود بينما كان يدخل المسجد الكبير لتأدية صلاة الجمعة فطعنه أحد الباطنية بخنجر فلقي مصرعه (?). وهكذا تخلص الفرنج من عدو لدود لهم بمصرع مودود على يد الباطنية. وزاد من نفوذ الباطنية في بلاد الشام اعتناق رضوان ملك حلب للمذهب الباطني وعطفه على أتباعه فاستغل الباطنية تلك المكانة وأخذوا يباشرون أعمالهم الإجرامية ضد زعماء المسلمين (?). وما اتسمت به سياسة رضوان الباطنية أسهمت إلى حد كبير في توطيد ملك الفرنج في الشام (?).وتوطدت العلاقات الودية بين الصليبيين والباطنية في أيام نور الدين وصلاح الدين اللذين عملا جاهدين على توحيد العالم الإسلامي ضد الصليبيين فقد كانت كراهية الباطنية لنور الدين شديدة واعتبروه عدوهم اللدود نظرا لأن سلطانه قيد توسعهم فحقدوا عليه وعاونوا حلفاءهم الصليبيين ضده حتى أنه عندما استطاع نور الدين أن يلحق الهزيمة بالصليبيين نرى زعيم الحشاشين حينئذ (علي بن وفا الكردي) يسارع للتحالف مع الصليبيين ويقوم بهجوم مفاجئ على نور الدين سنة 1148م بالقرب من أنطاكية ولم يكتفوا بذلك بل حاولوا اغتيال نور الدين وأرسل زعيم الحشاشين الجديد رشيد الدين سنان إلى الصليبيين يعرض عليهم إجراء تحالف وثيق لمناهضة نور الدين ملوحا بأنه يفكر مع قومه في التحويل إلى النصرانية (?).ولم يتوان هذا الحشاش عن محاولة اغتيال صلاح الدين الأيوبي نفسه فقد تم اكتشاف جماعة من الباطنية عند خيمة صلاح الدين في جوف عسكره (?). بعد أن استطاع أن يدحر الصليبيين وقد تكررت هذه المحاولة عدة مرات وكل هذا يدل بالطبع على نوعيه الحقد الدفين الذي يكنه الباطنيون لكل ما يحمل علامة النصر للإسلام والمسلمين.
ويحسن بنا أن نلاحظ أن من الآثار السياسية للحركة الباطنية الفتن السياسية التي قامت بها فأدخل العالم الإسلامي في بلبلة وقلاقل جعله نهبا للأعداء من كل جهة.