إن أسوأ الآثار التي ترتبت نتيجة لظهور الحركة الباطنية هو انقسام العالم الإسلامي إلى فئتين متناحرتين فقد استطاعت الباطنية (المتمثلة بالإسماعيلية) استمالة قبيلة كتامة في بلاد المغرب مما ساعدها كثيرا على قيام أول دولة لها سميت بـ (الدولة الفاطمية) أو (العبيدية).
ولا شك أن قيام هذه الدولة الباطنية قد أوجد انقساما خطيرا في صفوف المسلمين هو الأول من نوعه لادعاء حكام هذه الدولة أنهم من ذرية آل البيت وبأحقيتهم أن يكونوا أئمة المسلمين بعد أن كان المسلمون جميعهم يتجهون في ولائهم إلى الخليفة العباسي في بغداد ولكن سرعان ما تكشف حقيقة هؤلاء الأعداء عندما عملوا مرارا على إثارة الفتن بين السنة والشيعة في العراق مقر الخلافة العباسية وعلى إظهار باطن ما يعتقدون في قوانينهم وتصرفات أتباعهم.
ومن المؤكد أن تفتيت العالم الإسلامي الذي عمل على تنفيذه أتباع الباطنية كان له أثر بالغ الخطورة على التطورات السياسية فيه وخاصة وهو يواجه الصليبيين والتتار فإذا به يتعرض لطعنة قوية من الخلف من جانب الباطنية أضعف المسلمين وأحدث ثغرة قوية في جبهتهم نفذ من خلالها الأعداء من الصليبيين وغيرهم فاستطاعوا بذلك أن يوطدوا قوتهم داخل بلاد المسلمين. وينبغي أن لا يغيب عن أذهاننا أن الباطنية كانت تمد يد العون والمساعدة لهؤلاء الأعداء وتتحالف معهم في سبيل القضاء على الخلافة الإسلامية (ولما تحرك الصليبيون صوب الجنوب كانت سياسيتهم التقليدية تقوم على محالفة الفاطميين الشيعة بمصر لمناهضة الخلفاء العباسيين والترك السنيين (?).