وما أكثر هذه الخرافات في كتب القوم وأطول بها. وأما المضحكات المبكيات فإنها كثيرة. ومنها ما يحكيها البريلوي: أن سيدي أحمد كانت له زوجتان وكان من مريدي الشيخ سيدي عبدالعزيز الدباغ رضي الله تعالى عنه، فقال له مرة يا سجلماسي! مالك وقد جامعت وباشرت زوجتك عندما كانت الثانية يقظة ناظرة؟ فقال: يا سيدي! لم تكن مستيقظة بل إنها كانت نائمة، فقال: لا إنها تظاهرت النوم ولكنها لم تكن نائمة، فقال: كيف علمت ذاك يا سيدي! قال له شيخه، أكان هناك سرير آخر ثالث؟ قال: نعم كان هناك، فقال: كنت أنا على ذلك السرير" (?).
أستغفر الله من هذه الخرافات، وهل هناك خرافة أكبر وأنجس من هذه؟
شيخ ينام بين المريد وأزواجه في غرفة واحدة؟ ثم أكثر من ذلك يراقب حركاته وسكناته وحتى مباشرته مع زوجته ويراقب الأخرى ونظرتها إليهما.
أهذا دين وهذه شريعة؟
فإن كان الدين هذا فلا ندري ما هو الإلحاد والزندقة، والفجور والفسوق؟ ولا نعلم ما هو الحياء وما هي الأخلاق التي يعلم الأجيال الناشئة من غض البصر والإعراض عن اللغو؟ مدام أولياء الله حسب زعم القوم يعملون هذه الأعمال ويرتكبون هذه الفواحش، وينظرون إلى المحرمات الشرعية وينامون بين النساء الأجنبيات ويترقبون الحركات الزوجية ما بينهم ثم يخبرون بكل وقاحة وفضاحة ما شاهدوها وعاينوها في الخلوات.
إن كانت هذه هي الولاية وهذه هي الكرامات فعلى الكرامات والولايات السلام.
ثم يعلق على هذه الحكاية التي لم تخترع ولم تختلق إلا للاستلذاذ بالشهوات وذكرها، يعلق المعلق الفاضل:
يستنتج من هذه الواقعة أن الشيخ لا يفارق مريده في آن ما كما قال الشعراني في "الميزان":إن أئمة الفقهاء والصوفية كلهم يشفعون في مقلديهم ويلاحظون أحدهم عند طلوع روحه وعند سؤال منكر ونكير له وعند النشر والحشر والحساب والميزان والصراط ولا يغفلون عنهم في موقف من المواقف" (?).
هذا ويحكي البريلوي حكاية أخرى في "ملفوظاته" ومن بينها يبين فوائد الأعيان والأعراس على القبور ويلفت انتباه السوقة والأوباش من الناس إليها: أن السيد أحمد البدوي الكبير رضي الله تعالى عنه كان يقام على قبره الأعراس والأعياد إلى ثلاثة أيام يوم ميلاده، وكان الناس يجتمعون عليه سنويا ومن بين الذين كانوا يحضرون على الدوام الإمام عبدالوهاب الشعراني، فحضر في عيد ميلاده مرة وكان الناس مزدحمين إذ وقع نظره على جارية تاجر، فوقعت في قلبه واستأسرته فذهب إلى القبر فناداه السيد البدوي: يا عبدالوهاب! أأعجبتك تلك الجارية؟ فقال: نعم! لا ينبغي لمريد أن يكتم سره عن شيخه، فقال، أحسنت وقد وهبتك هذه الجارية، فاستغرب الشعراني أن الشيخ كيف يهبني إياها حيث أنها لتاجر فلاني، وبعد حين حضر التاجر وقدم الجارية نذرا إلى مزاره المقدس فألهم خادم القبر أن يقدم هذه الجارية هدية ونذرا إلى عبدالوهاب فتحير الشعراني وتأخر حتى ناداه السيد البدوي ولم هذا التأخير الآن يا عبدالوهاب! اذهب بها إلى الحجرة الفلانية واقض بها حاجتك" (?).
فأراد البريلوي إثبات علم الغيب للأولياء وتصرفهم وقدرتهم على الأمور حتى وبعد الموت ولم يجد السند والدليل على ذلك إلا هذه القصص الباطلة الكاذبة والحكايات الجنسية الشهوانية الفاسدة.
فهذه هي الدعاوى وتلك هي البراهين: