ومثل هذه الحكاية حكى عنب ابن محمد الحنفي. أن أحد مريديه كان في السفر فتعرض له السراق في الطريق وجلس واحد على صدره ليذبحه فنادى: يا سيدي محمد حنفي! خاطر معي، فما أن ناداه باسمه إلا وحضرت نعله طائرة وضربت على صدر السارق فأغمي عليه ونجا مريد السيد الحنفي" (?).ويختلق قصة أخرى أن فقيرا كان يتسول فمرة وقف على باب دكان شخص وسأله أن يعطيه روبية فامتنع الراعي من إعطائها إياه فقال له الفقير، أعطني وإلا قلبت عليك الدكان، فاجتمع الناس وازدحموا ومر عليهم رجل ذو قلب فقال للراعي: أعطه الروبية وإلا انقلب عليك الدكان، فقال له الناس، أيها الشيخ إنه رجل جاهل ومخالف للشريعة كيف يستطيع أن يعمل هذا؟ فقال الشيخ: أنا شاهدت وعاينت قلبه فوجدته خاليا فألقيت نظرة المشاهدة في باطن شيخه فوجدته خاليا أيضا ولكنني تعمقت وشاهدت شيخ شيخه فوجدته من العارفين المتصرفين ورأيته واقفا لأن ينطق هذا الفقير وينفذ ما نطق به ويقلب على الراعي دكانه" (?).
فهذه هي الدلائل الواضحة والحجج القاطعة والبراهين الدامغة على قدرة الأولياء وتمكنهم على إغاثة المستغيثين ونصرة المصابين ودفع بلاء المبتلين.
ومن الحكايات العجيبة الغريبة التي اخترعوها لبيان قوة الأولياء وقدرتهم: إن شخصا حضر بايزيد البسطامي رضي الله عنه فرآه ينظر إلى السماء وعيناه تفيض من الدمع فقال له: يا سيدي ما هذا؟ قال: ذهبت إلى العرش وطويت الأرض بقدم واحد فإذا أراه أي العرش فاغراً فاه في طلب الرب كالذئب الجائع، فاستغربت وصرخت، إن هذا لشيء عجاب، يخبرنا الرحمن أنه على العرش استوى، فجئت إليك في طلبه وأجدك في هذا الحال، فأجاب العرش أما ما قاله لي جل وعلا: يا عرش إن تريد أن تجدني فاطلبني في قلب بايزيد" (?).
هذه، ومن اختياراتهم أن الحيوانات المفترسة تهابهم وتخاف منهم وتطيعهم، ولهم من علم الغيب أنهم يعرفون ما يختلج في صدور الناس. فيحكي البريلوي هذه الأسطورة: أن رجلين عالمين حضراً إلى ولي من أولياء الله وصلا خلفه، فقرأ القرآن في الصلاة ولم يرتله ترتيلا ولم يخرج الحروف من مخارجها حسب قواعد التجويد، فخطر في بالهما أي ولي هذا الذي لا يعرف قواعد التجويد فعرف الولي ما اختلج في صدورهما ولكنه سكت ثم ذهب الرجلان العالمان إلى النهر للغسل وخلعا أثوابهما ووضعاها على الحافة فجاء أسد وجمع الأثواب وجلس عليها فانتظرا ذهابه حتى يخرجا ولكنه لم يأت ليذهب وبلغ الخبر إلى الولي فأسرع إلى الأسد وأخذه من أذنه ولطمه على خده الأيمن فولى وجهه ثم لطمه على الجانب الأيسر فانحرف يمينا ثم قال قومتم اللسان "إشارة إلى علمهم بالتجويد والقراءة" ونحن قومنا القلوب وكان هذا ردا منه على ما خطر في قلوبهما" (?).