ومن ذا الذي يعلم ما كان يفعله هناك في الليل والنهار، إنه ينبغي أن يكون رجلا عظيما ذا مادة واسعة حتى يستطيع الإقامة في مثل ذلك المكان، وصعد إبراهيم يوم خميس إلى ظاهر الغار وجمع حزمة حطب واتجه في الصباح إلى نيسابور حيث باعها، وصلى الجمعة واشترى بثمن الحطب خبزا، وأعطى نصفه لفقير وتناول النصف الآخر، وأتخذ منه إفطاره وداوم صيامه حتى الأسبوع التالي، وبعد أن وقف الناس على شأنه هرب من الغار وتوجه إلى مكة، وقيل أنه بقي أربعة عشر عاما يطوي البادية حيث كان يصلي ويتضرع طوال الطريق حتى أشرف على مكة، وروي أنه كان له طفل رضيع عند مغادرته بلخ، ولما أيفع طلب من أمه أباه، فقصت له الأم الحال قائلة: إن أباك قد تاه، ونقل عنه أنه قال: عندما كنت أسير في البادية متوكلا، ولم أتناول شيئا مدة ثلاثة أيام جاءني إبليس وقال: أنت ملك، وتركت هذه النعمة لتذهب جائعا إلى الحج ... ؟ لقد كان بمقدورك الحج بعز وجلال حتى لا يصيبك كل هذا الأذى، قال: عندما سمعت هذا الكلام منه رفعت صوتي وقلت: إلهي !! سلطت العدو على الصديق حتى يحرقني فأغثني حتى أستطيع قطع هذه البادية بعونك، فسمعت صوتا يقول: يا إبراهيم ! ألق ما في جيبك حتى تكشف ما هو في الغيب فمددت يدي إلى جيبي فوجدت أربعة دوانيق فضية كانت قد بقيت منسية، ولما رميتها جفل إبليس مني وظهرت قوة من الغيب) (?) وورد ذكره وحكايته أيضا في (طبقات الصوفية) للسلمي (?).وفي (حلية الأولياء) للأصبهاني ((?).وفي (الرسالة) للقشيري (?).وفي (جمهرة الأولياء) للمنوفي الحسيني (?).وفي (نفحات الأنس) للجامي (?).وفي (طبقات الأولياء) لابن الملقن المتوفى 804 هـ (?).وفي (الطبقات الكبرى) للشعراني (?).
فهذه هي قصة إبراهيم بن أدهم، وفيها ما فيها من ترك الأهل والزوج والولد بدون جريمة ارتكبوها، وإثم اقترفوه، خلافا لأوامر القرآن وإرشادات الرسول صلى الله عليه وسلم، المشهورة المعروفة شبها ببوذا، وهاهي خلاصة قصته: