(وكانت قبيلة ساكياس تقطن في شمال بنارس، وهي التي ولد فيها أواسط القرن السادس قبل الميلاد، وقد مات في سنة 478 قبل الميلاد بعد أن عمر ثمانين عاما. وتزوج بوذا في سن التاسعة عشرة ابنة عمه، وكان في رغد وسعادة. وبينما كان يسير يوما إلى الصيد وهو في التاسعة والعشرين شاهد رجلا قد بلغ من كبر سنه منتهي الضعف والعجز، ورأى في وقت آخر شخصا مبتلى بمرض استعصى علاجه ويحتمل الآلام وبعد مدة أخرى تأثر واشمأز لرؤية منظرا كريها لجثة في حالة من الفساد، وكان خادمه وصاحبه الوفي المسمى (جانا) يذكره وينبهه في كل هذه الحالات ويقول له: (هذا هو مصير حياة البشر) وشاهد بوذا أحد النساك يمر عليه وهو في منتهي الراحة والأبهة والكرامة فسأل جانا ما حال هذا الرجل .. ؟ فحكى له جانا تفصيلا عن أخلاق الزهاد الذين أعرضوا عن كل شيء وعن أحوالهم، وقال له: إن هؤلاء الجماعة في سير وأرتحال دائم وهم يعلمون الناس أثناء سياحتهم ورحلاتهم تعاليم هامة بالقول والعمل.
والخلاصة أنه برغم إختلاف الروايات لا شك في أن ذهن هذا الأمير الشاب قد أخذ يضطرب تدريجيا وينفر من الحياة وضوضائها.
ووفد عليه رسول يوما في أثناء أزماعه العودة من النزهة وبشره بميلاد ولد هو أول مولود له، فقال بوذا لنفسه في تلك الحالة النفسية المضطربة دون أن يشعر: (ما هي ذي رابطة جديدة تربطني بالدنيا). والخلاصة أنه عاد إلى المدينة بينما كان المطربون يلتفون حوله. فطرب ورقص في تلك الليلة أقاربه وذوو رحمه فرحا بالمولود الجديد. لكن بوذا كان من الامتعاض والاضطراب بحيث لم يكترث بتلك الأوضاع أبدا. وأخيرا نهض من فراشه في آخر الليل كمن التهمت النار داره وأوعز إلى جانا أن يحضر له الفرس ومد رأسه في هذه الأثناء إلى غرفة زوجته وولده الوحيد من غير أن يوقظهما وعلى العتبة أخذ على نفسه عهدا ألا يعود إلى داره ما لم يصبح (بوذا) أي (حكيما مستنيرا) وقال: