أما الرأي الثاني: وهو القول بعدم تكفير الخوارج؛ فأهل هذا الرأي يقولون: إن الاجتراء على إخراج أحد من الإسلام أمر غير هين، نظراً لكثرة النصوص التي تحذر من ذلك إلا من ظهر الكفر من قوله أو فعله فلا مانع حينئذ من تكفيره بعد إقامة الحجة عليه.
ولهذا أحجم كثير من العلماء أيضاً عن إطلاق هذا الحكم عليهم وهؤلاء اكتفوا بتفسيقهم، وأن حكم الإسلام يجري عليهم لقيامهم بأمر الدين- وأن لهم أخطاء وحسنات كغيرهم من الناس، ثم إن كثيراً من السلف لم يعاملوهم معاملة الكفار كما جرى لهم مع علي رضي الله عنه وعمر بن عبد العزيز؛ فلم تسبى ذريتهم وتغنم أموالهم.
¤فرق معاصرة لغالب عواجي 1/ 296
يرى أصحاب هذا الرأي أن الاجتراء على إخراج أحد من الإسلام أمر غير هين، نظرا لما ورد من نصوص تحذر من مثل هذا الحكم أشد التحذير، إلا لمن عرف من الكفر بقول أو فعل، فلا مانع حينئذ من تكفيره إذا لم يكن له تأويل فيما ذهب إليه، ولهذا أحجم كثير من العلماء عن إطلاق هذا الحكم. يقول القاضي عياض: "كادت هذه المسألة (أي مسألة تكفير الخوارج) تكون أشد إشكالا عند المتكلمين من غيرها حتى سأل الفقيه عبدالحق الإمام أبا المعالي عنها فاعتذر بأن إدخال كافر في الملة وإخراج مسلم عنها عظيم في الدين. قال: وقد توقف قبله القاضي أبو بكر الباقلاني، وقال: ولم يصرح القوم بالكفر، وإنما قالوا أقوالاً تؤدي إلى الكفر" (?).ويقول القرطبي: "وباب التكفير باب خطر، ولا نعدل بالسلامة شيئا" (?).