كيف، وقد نص فيه على أنه ديانته التي يدين الله سبحانه بها، وروى وأثبت ديانة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث الماضي، وقول أحمد بن حنبل رضي الله عنهم أجمعين، وأنه ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله. فهل يسوغ أن يقال: إنه رجع إلى غيره؟ فإلى ماذا يرجع تراه! يرجع عن كتاب الله وسنة نبي الله، خلاف ما كان عليه الصحابة والتابعون، وأئمة الحديث الماضين، وقد علم أنه مذهبهم ورواه عنهم!! هذا لعمري ما لا يليق نسبته إلى عوام المسلمين، كيف بأئمة الدين ... !! "، إلى أن قال: "وقد ذكر هذا الكتاب، واعتمد عليه وأثبته عن الإمام أبي الحسن رحمه الله، وأثنى عليه لما ذكره فيه، وبرأه من كل بدعة نسبت إليه، ونقل منه إلى تصنيفه: جماعة من الأئمة الأعلام من فقهاء الإسلام، وأئمة القراء، وحفاظ الحديث وغيرهم" ثم ذكر جماعة منهم (?) اهـ.
ثالثاً: أنه قد بين في (مقالات الإسلاميين) أن الكلابية فرقة مباينة لأهل الحديث، ونقل أقوالهم، في كثير من المسائل، ولم يجعلهم في جملة أهل الحديث، وقد سبق نقل أقواله، ولو كان كلابياً لما فرق بينهم وبين أهل الحديث، ولجمعهم في مصطلح واحد، إما أن يدخلهم تحت مصطلح أهل الحديث، أو تحت الكلابية.
رابعاً: مما يؤكد هذا أن الأشاعرة المتأخرين لا ينقلون في كتبهم شيئاً مما ذكره الأشعري في كتبه الموجودة وهي (مقالات الإسلاميين) و (رسالة إلى أهل الثغر) و (الإبانة)، وحاولوا عبثاً أن ينكروا نسبة كتاب (الإبانة) المطبوع المتداول إليه، وما ذاك إلا لعلمهم أنه ينقض عليهم أصولهم، وقد سبق إثبات كونه كلامه غير محرف ولا معبوث به.
بل يكفي في إبطال دعواهم ما سطره في (مقالات الإسلاميين) و (رسالة إلى أهل الثغر)، وما نقله ابن عساكر في (تبيين كذب المفتري) والبيهقي في (الأسماء والصفات)، والذهبي في (العلو) من كتاب (الإبانة) فضلاً عما نقله ابن تيمية وابن القيم منه في كتبهم التي سبق الإشارة إليها.
خامساً: أن أبا الحسن الأشعري ذكر في أول كتاب (الإبانة): أنه سائر على درب الإمام أحمد ووصفه بأنه إمام أهل السنة، ولم ينتسب قط لابن كلاب ولا اعتزى إليه في شيء من كتبه الموجودة. ومعلوم أن ابن كلاب كان مبايناً لطريق الإمام أحمد، وأن الإمام أحمد كان ينهى عن الكلابية وعن كبارهم كالحارث المحاسبي وأصحابه، ويصفهم بالجهمية، كما سبق تقريره، وهذا مشهور مستفيض عنه، فلو كان الأشعري على طريق ابن كلاب لما انتسب إلى الإمام أحمد، مع علمه بنهيه عن ابن كلاب وتحذيره ومن طريقته.
¤الأشاعرة في ميزان أهل السنة لفيصل الجاسم - ص 715
المطلب الثالث: الرد على ما أورده نفاة المرحلة الأخيرةأما ما أورده المؤلفان (?) على هذا من أن كثيراً ممن ترجم لأبي الحسن لم يذكروا المرحلة الأخيرة.
فالجواب أن يقال: إن هذا قد يكون بسبب جهلهم بذلك.
والقاعدة تقول: إن المثبت مقدم على النافي، ومن علم حجة على من لم يعلم.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا: "فإن قيل إن ابن فورك وأتباعه لم يذكروا هذا، قيل: له سببان: