فهل يعتقد مسلم يعرف قدر الصحابة أن عليا سيبلغ إلى هذا الحد الذي لا يجرؤ عليه إلا من قل حظه من الدين ولا يبالي بالكذب ووضع الأحاديث؟! ولكن نجد إماما آخر من أئمتهم هو العيزابي الإباضي يأتي بحديث المروق فلا يتجاسر على نسبته إلى علي بأنه وضعه ويرى أن الحديث ثابت، ولكنه يرد معناه إلى الصفرية وأنهم هم المعنيون به (?) ويقول الورجلاني "وأما علي فقد حكم بأن من حكم فهو كافر ثم رجع على عقبيه وقال: من لم يرض بالحكومة كافر، فقاتل من رضي الحكومة وقتله، وقاتل من أنكر الحكومة وقتله، وقتل أربعة آلاف أواب من أصحابه واعتذر، فقال: إخواننا بغوا علينا فقاتلناهم، فقد قال الله عز وجل فيمن قتل مؤمنا واحدا: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا إلى قوله: عَذَابًا عَظِيمًا [النساء: 93]، فحرمه الله من سوء بخته الحرمين وعوضه دار الفتنة العراقين، فسلم أهل الشرك من بأسه وتورط في أهل الإسلام بنفسه" (?).وقد اشتهر عن الخوارج تكفيرهم لعلي رضي الله عنه وأنهم مجمعون على كفره هو وعثمان وطلحة والزبير وعائشة ومعاوية وعمرو بن العاص وأهل التحكيم (?).ويقول ج. ج لوريمر عن موقف الإباضية وأنهم يكفرون عليا كما قلنا وإن هذا الموقف قد سجله عليهم حتى علماء هذا العصر – يقول لوريمر عن جماعة المطاوعة منهم: "ويعتقد المطوعون أن الخليفة عليا لم يكن مسلما على الإطلاق بل كان كافرا" (?). ويقصد لوريمر بالمطوعين فرقة من الإباضية في عمان في غاية التشدد في أمور الدين وذكر بعض الأمثلة على ذلك، وقد كان لهؤلاء المطوعين دور هام في توجيه سياسة الحكام في عمان. بل لقد بلغت الجرأة بحفص بن أبي المقدام – زعيم الحفصية من الإباضية – أن يتأول آيات القرآن بما يتفق مع بغضهم للإمام علي رضي الله عنه وما يلصقونه به من تهم فيزعم – وهو كاذب في هذا، مفتر على الله غير الحق – أن قوله تعالى: كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا [الأنعام:71] – أن الحيران هو علي بن أبي طالب، وأن الأصحاب الذين يدعون إلى الهدى هم أهل النهروان، وقد قال بقول نافع في زعمه أن الآية: ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا، والآية: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ أنهما نزلتا في علي وابن ملجم (?) كما سيأتي بيانهما في الرد على نافع.