وكما كان عثمان في منزلة البراءة عندهم كان علي مثله أيضا في منزلة البراءة كما ذكر صاحب كتاب (كشف الغمة) تحت عنوان: "فصل من كتاب (الكفاية) – قوله: "فإن قال: ما تقولون في علي بن أبي طالب؟ قلنا له: إن عليا مع المسلمين في منزلة البراءة". ثم ذكر الأسباب التي توجب البراءة منه، وهي تركه حرب معاوية والتحكيم وقتاله أهل النهروان. ويزعم أنه كان يضع الأحاديث لمصلحته، وذلك حين يورد المحاورة الآتية بين علي وابن عباس وما نتج عنها بقوله: "ثم إن عليا ندم على قتل أهل النهروان وقال لابن عباس: ما صنعنا؟ قتلنا خيارنا وقرءانا، وأظهر للناس الندامة فأتوه وقالوا: كأنهم يحاجونه: أمرتنا بقتلهم ثم تندم، فإنك مقتول، ففزع من هذا فأخذ في تسكين أصحابه بالكذب فقال: لولا أن تنظروا (?) لأحدثكم بما جعل لكم من المخرج على لسان نبيه؛ إذ قال: "سيخرج من بعدي قوم صعاب شبابهم قصارى شأنهم يمرقون من الدين كمروق السهم من الرمية". فالمؤلف يزعم أن هذا الحديث – وهو من أحاديث المروق الصحيحة – يزعم أنه من وضع علي بن أبي طالب إرضاء للعامة.
وما جرأه على هذا الافتراء إلا سوء معتقده وعدم معرفته بقدر الصحابة وورعهم، فيظن أنهم يتقولون على رسول الله لمصلحتهم الشخصية وحاشاهم من ذلك. وكذا قوله: "وإن عليا قال: إن في قتلاهم – يعني أهل النهروان – شيطانا وهو يعني به الورع الناسك" – يشير إلى ذي الثدية، حيث قال بعد أسطر: "فلما تذكر من ثدي الرجل ذكره قال له ابنه: يا أبت ذلك مولا (?) تأمله من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اسكت يا بني، إن الجواب خدعة، ففتح لأصحابه أبواب الكذب فاتخذوها خلقا"!!