الحب في الله والبغض في الله والولاية لأولياء الله والبراءة من أعداء الله، هذه مبادئ إسلامية مقررة، وعلى أساس تقريرها والالتزام بها يتحدد موقف المسلم من غير توليا أو تبريا، والخوارج بصفة عامة يلتزمون بهذا المبدأ ولكنهم ينحرفون في تطبيقه على مخالفيهم من المسلمين فيتبرأون منهم ولا يتولون إلا أنفسهم، فعلى أساس ضرورة الالتزام بمبدأ الولاية والبراءة يزن الخوارج أعمال مخالفيهم فيحددون موقفهم منهم وآراءهم فيهم، وإن كانوا –كما قلنا- ينحرفون في نظرتهم إلى غيرهم وما ينبني عليها من أحكام.
ونحب قبل أن نحدد رأي الخوارج في مخالفيهم وموقفهم منهم أن نقدم هذه الكلمة عن مبدأ الولاية والبراءة في نظر الخوارج بصفة عامة والإباضية بصفة خاصة، حيث عنيت مصادر هؤلاء ببيان حقيقتها وأهميتها ووجوبها والشرائط الموجبة لها والأدلة الشرعية على ذلك كله. يقول المبرد: "والخوارج في جميع أصنافها تبرأ من الكاذب ومن ذي المعصية الظاهرة" (?)، ومعروف أن الخوارج يعتبرون كل من سواهم، من أصحاب المعاصي الظاهرة.
والولاية والبراءة عند الإباضية تأتي في الأهمية بعد التوحيد، فمن لم يوال أو يعاد فإنه لا دين له، إذ أن صاحب الدين لابد أن يكون على أحد أمرين: إما مواليا لأولياء الله فهو مؤمن، أو مبغضا لهم فهو غير مؤمن.
ونوجز الحديث عنهم بما تدعو إليه الحاجة في هذا المقام مستغنين عن تفصيلاتهم الكثيرة في هذا الموضوع. فقد عرف الجيطالي الولاية بقوله: "والولاية في الشريعة: إيجاب الترحم والاستغفار للمسلمين" (?).
وعرفها النفوسي الإباضي بقوله:
فإن قيل ما معنى الولاية قل له ... دعاؤك بالغفران والحب بالضمن (?)