ويستشهد الجيطالي على تفسيره للولاية والبراءة ووجوبهما من القرآن بقوله تعالى: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [محمد:19].ومن السنة بقول الرسول صلى الله عليه وسلم لابن مسعود: ((يا ابن مسعود أي عرى الإسلام أوثق؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: الولاية في الله والبغض في الله)) (?) (?).ويستشهد الإباضية كذلك على وجوبها بما روي عن ابن عمر أنه قيل له: إن فلانا يقرئك السلام، فقال رضي الله عنه: (لقد بلغني أنه يقول بالقدر فإذا كان باقيا على شيء من ذلك فلا تبلغه عني السلام). وبما روى أيضا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (من رأينا منه خيرا وظننا فيه خيرا، قلنا فيه خيرا وتوليناه، ومن رأينا منه شرا وظننا فيه شرا، قلنا فيه شرا وتبرأنا منه). وبقوله صلى الله عليه وسلم: ((من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله؛ فقد استكمل الإيمان)) (?)، وكذلك قوله تعالى: لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَه (?) [المجادلة:22].والولاية في الله والبراءة في الله كذلك تتمثل فيها حقيقة الإيمان، يقول الجيطالي في ذلك "وكذلك عند أصحابنا رحمهم الله الولاية في الله والبغض في الله هي حقيقة الإيمان، فمن لم يدن بها فلا دين له ولا ولاية له عندهم" (?)، ومن ثم كانت الولاية والبراءة من أوجب الواجبات بعد التوحيد، يقول النفوسي:

ومما يلي التوحيد في الضيق فرضه ... براءة موسى مع ولاية محسن

فمن لم يوال أو يعاد فإنه ... من الدين صفر الكف واهي التدين (?)

وتجب معرفة الولاية والبراءة عندهم عند بلوغ الشخص سن التكليف، فحينئذ لا عذر لمن يجهلها، وتكون في حقه "فريضة مضيقة من لم يعتقد فرضيتها فهو مشرك" (?)، ويجب على المكلف القيام بولايتين: ولاية جملة وهي باتفاق الأمة، وولاية أشخاص، وهذه فيها خلاف عندهم، وفي هذا يقول الجيطالي: "فليس بين الأمة اختلاف في ولاية الجملة، وإنما الاختلاف بينهم في ولاية الأشخاص" (?).وفي ذلك يقرر قطب الأئمة أن ولاية الجملة وبراءتها فرض على كل مسلم بنص الكتاب والسنة والإجماع، ولا يوجد خلاف إلا في ولاية الأشخاص وبراءتها هل هي واجبة أم غير واجبة؟ ثم يرجح أنها واجبة، بخلاف غيرهم فإنه لم يوجبها ويوضح هذا بقوله: "ولاية الجملة وبراءتها فريضتان بالكتاب والسنة والإجماع على كل مكلف عند بلوغه إن قامت عليه الحجة"، ثم قال: "وأما ولاية الأشخاص وبراءتها فواجبتان قياسا عليهما، ولورود أحاديث في حب الإخوان في الله ومدح حبهم في القرآن" (?).

ويقسم الإباضية الولاية إلى أقسام:1 - ولاية الجملة: ويمثلون لها بالأنبياء والرسل وأصحاب الكهف وأصحاب الأخدود والسحرة (?) وأمثالهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015