وإذا أردنا أن نقارن بين آراء الخوارج والشيعة في الإمامة نجد أن بينهم بوناً شاسعاً في هذه القضية كما نتبين ذلك فيما يأتي:
1 - فالخوارج منهم من يقول بالاستغناء عن الإمام، والشيعة على العكس ترى أن وجود إمام من آل البيت أصل من أصول الدين.
2 - الإمامة عند الخوارج حق مشاع بين كل طبقات المجتمع إذا وجد الكفء، بينما الشيعة تحصر الخلافة في علي ونسله من بعده.
3 - الخوارج لا تقول بعصمة الأئمة والشيعة تدعى عصمتهم.4 - لا يعتقد الخوارج رجعة أحد أئمتهم، والشيعة تعتقد رجعة الإمام المنتظر، والقول بعدم رجعة أحد هو قول عامة الخوارج إلا فرقة شذت عنهم تسمى الخلفية ورئيسهم يسمى مسعود بن قيس، ففي أثناء محاربة حمزة بن أكرك لهذه الفرقة وهزيمتها هرب مسعود بن قيس فغرق في واد ومات غريقاً، إلا أن طائفته لم تصدق بموته واعتقدوا رجعته، وصاروا ينتظرونه (?) انتظار الشيعة للإمام المنتظر الذي يسألون له الرجوع وتعجيل الخروج في كل لفظة يذكر فيه المهدي ويرمزون لذلك بحرفي " عج".5 - يرى الخوارج جواز الخروج مع أي شخص كان مادام مستقيماً على الحق، بينما الشيعة يرون أنه لا يجوز الخروج على مخالفيهم إلا مع وجود الإمام الحق، وبدونه لا يجب ولا يلزم بل هو إضرار بالغير، ولا صحة لإمامة من ليس من أهل البيت، فمتى وجد هؤلاء جاز الخروج معهم على الحكام الجائرين وبدونهم لا يجوز (?).6 - التقية عند الشيعة واجبة ويحضون على التزامها دائماً وخصوصاً عندما تقتضي الظروف، أما الخوارج فلا مكان لها عند الأزارقة منه ولا مكان للتقية العملية عند الصفرية كذلك، أما الشيعة فإنهم جميعاً يوجبونها، يقول أحمد أمين: " وعلى عكس الشيعة في القول بالتقية الخوارج "، ويقول: " وحياة الشيعة والخوارج السياسية مظهر من مظاهر قولهم في التقية، فالخارجي يعلن الخروج على الإمام في صراحة ولو كان وحده " (?).
7 - يرى الزيدية من الشيعة جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل، وهم بذلك يخالفون معظم الخوارج الذين يمنعون ذلك.
وإذا كانت هذه الفوارق تمثل اختلافاً حاداً بين الخوارج والشيعة في كثير من مسائل الإمامة، فإن هذا الخلاف لم يكن جديداً فيما بينهم فقد بدأ حاداً في قضية الإمامة منذ أول أمرهم حينما انفصل الخوارج عن الشيعة على عهد الإمام علي رضي الله عنه.
¤الخوارج تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها لغالب عواجي– ص435