إمامة المرأة:
الإمامة مسئولية عظمى وعبء ثقيل يتطلب سعة الفكر وقوة البصيرة ورباطة الجأش، ويتطلب أيضاً مزايا عديدة جعل الله معظمها في الرجال دون النساء، ولقد علم بالضرورة أن الخلفاء والقواد العظام الذين سطرت لهم الصفحات البيضاء في التاريخ كان معظمهم من الرجال، ولا أدل على هذا من اختيار الله جل وعلا لرسالته والتبليغ عنه ممن علم فيه الكفاءة والكمال وذلك من جنس الرجال فقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً [الأنبياء: 7]، وما ذاك إلا لما يعلم من تحمل الرجال لمتاعب المسؤولية العظمى وما أودعه في تركيبهم من أسرار.
وقد أطبق جميع العقلاء على أن الخلافة لا يصلح لها النساء، وقد روي ابن حزم في قوله الآتي اتفاق جميع المسلمين على عدم جواز تولي المرأة الإمامة العظمى فقال: "قال أبو محمد: وجميع فرق أهل القبلة ليس منهم أحد يجيز إمامة المرأة " (?).ولكن نجد فرقة من فرق الخوارج وهي الشبيبة كان لها تأثير بالغ في محاربة جيش الخلافة وانتصارهم عليه مرات عديدة – تذهب إلى جواز تولي المرأة الإمامة العظمى، وذلك أن شبيب بن يزيد الشيباني زعيم هذه الطائفة كان في جيش صالح بن مسرح الذي ثار على الخلافة الأموية في زمن عبد الملك بن مروان، فقابله جيش الخلافة على باب حصن جلولا فانهزم صالح جريحاً، فلما أشرف على الموت استخلف شبيباً هذا فأحدث في زمنه القول بجواز تولي المرأة الإمامة العظمى فيذكر عنه البغدادي: " إنه مع أتباعه أجازوا إمامة المرأة منهم إذا قامت بأمورهم وخرجت على مخالفيهم، وزعموا أن غزالة أم شبيب كانت الإمام بعد قتل شبيب إلى أن قتلت، واستدلوا على ذلك بأن شبيباً لما دخل الكوفة أقام أمه على منبر الكوفة حتى خطبت" (?).
وهنا يسجل العلماء على هذه الفرقة تناقضهم واتباعهم الهوى في انتقادهم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين خرجت تطالب بدم عثمان أول الأمر مجتهدة فتأولوا عليها قول الله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب: 33]، فقالوا إنها خالفت ما أمرها الله به من الستر والحجاب والقرار في البيت، فإذا كانوا ينتقدون خروج عائشة وهي مع محرمها محجبة تقية، فكيف أجازوا لنسائهم تولية الإمامة العظمى والخروج على الحكام يحاربن معهم في ميادين القتال، فقد كانت نساؤهم – كما ذكرنا في خصائصهم – يقلدن السيوف ويركبن ظهور الخيل ويحضرن المعارك ويبارزن الشجعان حتى اشتهرن بتلك الصفات. وعائشة رضي الله عنها خرجت مع جندها الذي كل واحد منهم محرم لها، لأنها أم جميع المؤمنين بنص القرآن، ولم تخرج لطلب الإمامة العظمى، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم عن المرأة بأنها ناقصة عقل ودين، فكيف يجوز إلقاء مصير الأمة على عاتق امرأة واحدة لا تقبل شهادتها بمفردها على رغم أنوف دعاة المرأة إلى الخروج عن قانونها الذي جعلها الله فيه، وقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) (?).
¤الخوارج تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها لغالب عواجي– ص432