المبحث الثالث: أول نزاع وقع في الأمة وهو في مسألة الإيمان والإسلام

المبحث الثالث: أول نزاع وقع في الأمة وهو في مسألة الإيمان والإسلام يعد النزاع في الحقيقة الإيمان والإسلام أول اختلاف وقع في الأمة، وافترقت لأجله، وصاروا مختلفين في الكتاب والسنة، وكفر بعضهم بعضا، وقاتل بعضهم بعضا (?).وذلك أنهم اختلفوا فيمن له طاعات ومعاص، وحسنات وسيئات، ومعه من الإيمان ما لا يخلد معه في النار، وله من الكبائر ما يستوجب دخول النار، وهو من يسمى الفاسق الملي، فالخلاف فيه أول خلاف ظهر في الإسلام في مسائل أصول الدين (?)، ومسألة الفاسق الملي أول مسألة فرقت بين الأمة (?).وأول من أظهر النزاع فيها هم الخوارج، حيث كفروا أهل القبلة بالذنوب، بل بما يرونه من الذنوب، وقالوا ما الناس إلا مؤمن وكافر (?).ثم جاء بعدهم المعتزلة، فقالوا: إن أهل الكبائر مخلدون في النار كما قالت الخوارج، ولا نسميهم لا مؤمنين ولا كفار، بل فساق ننزلهم بين المنزلتين، ولم يوافقوا الخوارج في تسميتهم كفارا (?).وأمام هذا الغلو المفرط ظهرت مقالة مرجئة الفقهاء (?)، فقابلوا الخوارج والمعتزلة وصاروا طرفا آخر (?)، فحكموا على الفاسق الملي بالإيمان الكامل، وقد ظهرت مقالة هؤلاء الفقهاء في أواخر المائة الأولى للهجرة. وبسبب خلاف فقهاء المرجئة انفتح الباب للجهمية (?)، "وكان ظهور جهم ومقالته في تعطيل الصفات، وفي الجبر، والإرجاء، في أواخر دولة بني أمية" (?)، أي في النصف الأول من المائة الثانية للهجرة. ثم حدث بعد هؤلاء قول الكرامية (?)، وانتشرت مقالتهم في المائة الثالثة للهجرة. ثم قال الصالحي مقالته في الإيمان (?)، فجاء الأشعري وأشهر أصحابه فتلقفوها عنه (?) في النصف الأول من المائة الرابعة للهجرة، وهي امتداد لمقالة الجهمية، كما سيأتي بيانه بعون الله تعالى.

¤آراء المرجئة في مصنفات شيخ الإسلام ابن تيمية لعبدالله محمد السند - ص 93

طور بواسطة نورين ميديا © 2015