وحسب امرئ من العلم به والقول فيه أن ينتهي إلى قول الله عز وجل ثناؤه الصادق، وهو قوله: قُلِ ادْعُواْ اللهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى [الإسراء: 110] وقوله تعالى: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180]
ويعلم أن ربه هو الذي "على العرش استوى له ما في السموات وما في الأرض، وما بينهما وما تحت الثرى"؛فمن تجاوز ذلك، فقد خاب وخسر وضل وهلك" (?).
الكلمة الثالثة:
في فساد القول بخلق أسماء الله الحسنى:
ضرر هذه المقالة لا تقل عن خطر مقالة خلق القرآن.
فقد اشتد نكير سلف هذه الأمة وأئمة السنة على هاتين المقالتين وكفروا أصحابهما، وفيما يلي نماذج من نصوص أئمة السنة:
1 - قال ناصر السنة الإمام الشافعي (204هـ) رحمه الله: "من حلف باسم من أسماء الله فحنث فعليه الكفارة لأن اسم الله غير مخلوق، ومن حلف بالكعبة أو بالصفا والمروة، فليس عليه الكفارة، لأنه مخلوق وذاك غير مخلوق.
2 - وقال إمام المحدثين والفقهاء سفيان الثوري (161هـ).
"من قال: إن قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ مخلوق - فهو كافر".
3 - وقال سيد المحدثين والفقهاء عبدالله بن المبارك (181هـ):
الذي تعظمه الحنفية ومنهم الكوثرية وعدوه في كبار أئمة الحنفية: "من قال: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي [طه:14] مخلوق - فهو كافر".
4 - وقد ذُكر لإمام الجرح والتعديل يحيى بن سعيد القطان (198هـ) وسيد الحافظ الذي تبجله الكوثرية وذكروه في عداد كبار الحنفية.
"أن قوماً يقولون: القرآن مخلوق، فقال: كيف يصنعون بـ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] كيف يصنعون بقوله: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي [طه:14] يكون مخلوقاً؟ ".
5 - وقال إمام أهل الحديث إسحاق بن راهويه (138هـ):
"أفضوا - (الجهمية) - إلى أن قالوا: "أسماء الله مخلوقة ... " وهذا الكفر المحض ... ".
6 - وقال إمام أهل السنة أحمد بن حنبل (241هـ):
"من زعم أن أسماء الله مخلوقه فهو كافر".
7 - وقال "من قال: "القرآن مخلوق".
فهو عندنا كافر؛ لأن القرآن من علم الله عز وجل، وفيه أسماء الله عز وجل".
8 - وقال: "وأسماء الله في القرآن، والقرآن من علم الله، فمن زعم أن القرآن مخلوق" فهو كافر،
ومن زعم: "أن أسماء الله مخلوقة" -فقد كفر".
9 - وذكر له رجل: أن رجلا قال: إن أسماء الله مخلوقة والقرآن مخلوق"؛ فقال أحمد: "كُفْرٌ بَيِّنٌ".
10 - وقال الإمام البخاري أمير المؤمنين في الحديث (256هـ):
"الجهمية ... قالوا: "إن اسم الله مخلوق".
ويلزمهم أن يقولوا إذا أذّن المؤذن:
لا إله إلا الذي اسمه "الله"؟.
وأشهد أن محمداً رسول الذي اسمه "الله".لأنهم قالوا: "إن اسم الله مخلوق ... " (?).11 - وللإمام أبي القاسم هبة الله الطبري اللالكائي (418هـ) مبحث قيم ذكر فيه أدلةً من الكتاب والسنة وأقوال سلف هذه الأمة وأئمة السنة في التشديد على من قال بخلق أسماء الله الحسنى (?).
12 - وقال شيخ الإسلام (728هـ): "وهؤلاء هم الذين ذمهم السلف وغلظوا فيهم القول؛ لأن أسماء الله من كلامه، وكلام الله غير مخلوق؛ بل هو المتكلم به، وهو المسمى لنفسه بما فيه من الأسماء ... " (?).
قلتُ: الحاصل، أن القول ببدعة خلق أسماء الله الحسنى ذيل للقول ببدعة خلق القرآن، وأن الماتريدية قائلون بهذه البدعة الظلماء جهاراً، كما هم قائلون بخلق القرآن، وأن سلف هذه الأمة وأئمة السنة قد كفروا القائلين بخلق أسماء الله تعالى، كما كفروا القائلين بخلق القرآن.
وأن الماتريدية في ذلك كلهم جهمية محضة مع ما زادوه من البدع وأنهم مخالفون للعقل والنقل وإجماع السلف في آن واحد، فمذهب الماتريدية في القرآن وأسماء الله - في غاية الفساد والضلال والإلحاد والإضلال.
¤الماتريدية وموقفهم من توحيد الأسماء والصفات للشمس السلفي الأفغاني 3/ 150