هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيم} ".

أقول: فلا ينافي هذا ما ذكرنا من الإمكان، لأن المقصود بـ " العصمة " الواردة في كلامه رحمه الله وما في معناها إنما هي العصمة التي دل عليها الوحي الذي لولاه لوجب البقاء على الأصل، وهو الإمكان المشار إليه، فهي بالمعنى الذي أراده النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بقوله: «فالمعصوم من عصمه الله» في حديث أخرجه البخاري وغيره، وليس المراد بها العصمة الخاصة بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهي التي تنافي الإمكان المذكور، فالقول بهذه في غير الأنبياء إنما هو من القول على الله بغير علم، وهذا ما صرح به أبو بكر الصديق نفسه في هذه القصة خلافا لهواه كأب، فقد أخرج البزار بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها أنه لما نزل عذرها قبل أبو بكر رضي الله عنها رأسها، فقالت: ألا عذرتني؟ فقال: أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني إن قلت ما لا أعلم؟! وهذا هو الموقف الذي يجب على كل مسلم أن يقفه تجاه كل مسألة لم يأت الشرع الحنيف بما يوافق هوى الرجل، ولا يتخذ إلهه هواه.

واعلم أن الذي دعاني إلى كتابة ما تقدم، أن رجلاً عاش برهة طويلة مع إخواننا السلفيين في حلب، بل إنه كان رئيساً عليهم بعض الوقت، ثم أحدث فيهم حدثاًً دون برهان من الله ورسوله، وهو أن دعاهم إلى القول بعصمة نساء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأهل بيته وذريته من الوقوع في الفاحشة، ولما ناقشه في ذلك أحد إخوانه هناك، وقال له: لعلك تعني عصمتهن التي دل عليها تاريخ حياتهن، فهن في ذلك كالخلفاء الأربعة وغيرهم من الصحابة المشهورين، المنزهين منها ومن غيرها من الكبائر؟ فقال: لا، إنما أريد شيئا زائداً على ذلك وهو عصمتهن التي دل عليها الشرع، وأخبر عنها دون غيرها مما يشترك فيها كل صالح وصالحة، أي العصمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015