الإسلام ابن تيمية في كتبه، وبخاصة منها كتابه " الإيمان "، ولذلك قال في " مختصر الفتاوى المصرية " (ص586): " الذي عليه جمهور سلف المسلمين: أن كل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمناً، فالمؤمن أفضل من المسلم، قال تعالى 49: 14: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا}. فالآية كما ترى حجة عليه، ويؤيد ذلك تمامها: {وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ ... } الآية: فإن من الظاهر بداهة أنه ليس كل مسلم قانتا! ثم ذكر آية أخرى لا تصلح أيضا دليلا له، وهي قوله تعالى: {مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ ... }، قال: فعطف بجبريل وميكال على الملائكة وهما منهم ".
أقول: نعم، ولكن هذا ليس من باب عطف الشيء على الشيء ويراد بالتالي نفس الأول كما هو دعواه، وإنما هذا من باب عطف الخاص على العام. وهذا مما لا خلاف فيه، ولكنه ليس موضع البحث كما هو ظاهر للفقيه. نعم إن ما ذهب إليه المومى إليه في الرسالة السابقة من إنكار ما جاء في بعض كتب الكلام في تعريف النبي أنه من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه، فهو مما أصاب فيه كبد الحقيقة، ولطالما أنكرناه في مجالسنا ودروسنا، لأن ذلك يستلزم جواز كتمان العلم مما لا يليق بالعلماء، بله الأنبياء، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ في الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُون}.
ولعل المشار إليه توهم أن هذا المنكر إنما تفرع من القول بالتفريق بين الرسول والنبي، فبادر إلى إنكار الأصل ليسقط معه الفرع، كما فعل بعض الفرق قديماً حين بادروا إلى إنكار القدر الإلهي إبطالا للجبر، وبعض العلماء في العصر الحاضر إلى إنكار عقيدة نزول عيسى وخروج المهدي عليهما السلام، إنكاراً