ابن مردويه عن أبي ذر، وهو حديث طويل جدا لا يحتمل أبو ذر حفظه مع طوله .. "!
أقول: ليس العمدة في التفريق المذكور على هذا الحديث الطويل الذي زعم أن أبا ذر لا يتحمل حفظه كما شرحت ذلك في هذا التخريج الفريد في بابه فيما أظن، وتالله إن هذا الزعم لبدعة في علم الجرح والتعديل ما سُبِقَ - والحمد لله - من أحد إلى مثلها! وإلا لزمه رد أحاديث كثيرة طويلة صحيحة ثابتة في الصحيحين وغيرهما، كحديث صلح الحديبية، وحديث الدجال والجساسة، وحديث عائشة: " كنت لك كأبي زرع لأم زرع "، وغيرها. ولعله لا يلتزم ذلك إن شاء الله تعالى وتقليده لابن الجوزي في حكمه على الحديث بالوضع مردود، لأن التقليد ليس بعلم، كما لا يخفى على مثله، ثم لماذا آثر تقليده على تقليد الذين ردوا عليه حكمه عليه بالوضع؟ كالحافظ العسقلاني والمحقق الآلوسي وغيرهما ممن سبقت الإشارة إلى كلامهم، لاسيما وهو يعلم تشدد ابن الجوزي في نقده للأحاديث، كما يعلم إن شاء الله أن نقده لو سلم به، خاص في بعض طرق الحديث التي خرجتها هنا.
ومن غرائبه أنه ذكر آية الأمنية: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى} وأن الواو تفيد المغايرة، ثم رد ذلك بقوله: " والجواب أن مثل هذا يقع كثيراً في القرآن وفي السنة يعطف بالشيء على الشيء، ويراد بالتالي نفس الأول كما في قوله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}، فغاير بينهما بحرف العطف، ومعلوم أن المسلمين هم المؤمنون، والمؤمنين هم المسلمون ".
فأقول: هذا غير معلوم، بل العكس هو الصواب، كما شرح ذلك شيخ