لتواكل جمهور من المسلمين عليها. وكل ذلك خطأ، وإن كانوا أرادوا الإصلاح، فإن ذلك لا يكون ولن يكون بإنكار الحق الذي قامت عليه الأدلة. ولو أن الكاتب المشار إليه توسع في دراسة هذه المسألة قبل أن يسود رسالته، لوجد فيها أقوالاً أخرى استوعبها العلامة الآلوسي (5/ 449)، ولكان بإمكانه أن يختار منها ما لا نكارة فيه، كمثل قول الزمخشري (3/ 37): " والفرق بينهما، أن الرسول من الأنبياء: من جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه. والنبي غير الرسول: من لم ينزل عليه كتاب، وإنما أمر أن يدعو الناس إلى شريعة من قبله ".

ومثله قول البيضاوي في " تفسيره " (4/ 57): " الرسول: من بعثه الله بشريعة مجددة يدعو الناس إليها، والنبي يعمه، ومن بعثه لتقرير شرع سابق، كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا بين موسى وعيسى عليهم السلام، ولذلك شبه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - علماء أمته بهم ". يشير إلى حديث " علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل " ولكنه حديث لا أصل له، كما نص على ذلك الحافظ العسقلاني والسخاوي وغيرهما.

ثم إنهم قد أوردوا على تعريفه المذكور اعتراضات يتلخص منها أن الصواب حذف لفظة " مجددة " منه، ومثله لفظة " الكتاب " في تعريف الزمخشري، لأن إسماعيل عليه السلام، لم يكن له كتاب ولا شريعة مجددة، بل كان على شريعة إبراهيم عليهما السلام، وقد وصفه الله عز وجل في القرآن بقوله: {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا}.

ويبقى تعريف النبي بمن بعث لتقرير شرع سابق، والرسول من بعثه الله بشريعة يدعو الناس إليها، سواء كانت جديدة أو متقدمة. والله أعلم.

"الصحيحة" (6/ 1/358، 364 - 369)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015