فليراجع تمام كلامه من شاء، فإنه نفيس، ولولا خشية الإطالة لنقلته برمته.

فثبت مما تقدم أن خبر الآحاد الذي تلقته الأمة بالقبول يفيد العلم، فإذا كان كذلك، فالعقيدة تثبت به، ولا اعتداد بمن خالف في ذلك من المتكلمين، لمخالفتهم أدلة الكتاب والسنة، وإجماع الصحابة ومن بعدهم من الأئمة.

الوجه السابع عشر: ثم هب أن أحاديث الآحاد لا تفيد العلم، واليقين، فهي تفيد الظن الغالب قطعاً باتفاقهم.

الوجه الثامن عشر: أن كون الدليل من الأمور الظنية أو القطعية أمر نسبي، يختلف باختلاف المدرِك المستدِل، ليس هو صفة في نفسه.

الوجه التاسع عشر: إن من لوازم هذا القول الباطل: الاقتصار في العقيدة على ما جاء في القرآن وحده، وفصل الحديث عنه، وعدم الاعتداد بما فيه من العقائد والأمور الغيبية، وفقاً لطائفة من الناس اليوم، يعرفون بـ "القرآنيين" لأنهم لا يدينون بالحديث إطلاقاً إلا ما وافق القرآن منه، ولذلك فصلاتهم غير صلاتنا (?)، وزكاتهم غير زكاتنا، وكل عبادتهم غير عبادتنا، وبالتالي فعقائدهم غير عقائدنا، وذلك يساوي طبعاً أنهم غير مسلمين، فهؤلاء الذين أشار إليهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بقوله فيما صح عنه: «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السبع، ولا لُقطة معاهد، إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015