الوجه السادس عشر: على أن هذا الاختلاف مسبوق بانعقاد الإجماع المعلوم المتيقن على قبول هذه الأحاديث، وإثبات صفات الرب تعالى والأمور العلمية الغيبية بها. قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

"فهذا لا يشك فيه من له خبرة بالمنقول، فإن الصحابة هم الذين رووا هذه الأحاديث، وتلقاها بعضهم عن بعض بالقبول، ولم ينكرها أحد منهم على من رواها، ثم تلقاها عنهم جميع التابعين من أولهم إلى آخرهم، ومن سمعها منهم تلقاها بالقبول والتصديق لهم، ومن لم يسمعها منهم تلقاها عن التابعين كذلك، وكذلك تابع التابعين مع التابعين، هذا أمر يعلمه ضرورة أهل الحديث، كما يعلمون عدالة الصحابة وصدقهم وأمانتهم ونقلهم ذلك عن نبيهم - صلى الله عليه وآله وسلم - كنقلهم الوضوء والغسل من الجنابة، وأعداد الصلوات وأوقاتها، ونقل الأذان والتشهد والجمعة والعيدين، فإن الذين نقلوا هذا هم الذين نقلوا أحاديث الصفات، فإن جاز عليهم الخطأ والكذب في نقلها، جاز عليهم ذلك في نقل غيرها مما ذكرناه، وحينئذٍ فلا وثوق لنا بشيء نقل لنا عن نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - البتة، وهذا انسلاخ من الدين والعلم والعقل، على أن كثيراً من القادحين في دين الإسلام قد طردوه، وقالوا: لا وثوق لنا بشيء البتة، (قال): فهؤلاء أعطوا الانسلاخ من السنة والدين حقه، وطردوا كفرهم وخلعوا ربقة الإسلام من أعناقهم، وتقسمت الفرق قولهم هذا في رد الحديث" (?).

ثم ذكر أكثر من عشر طوائف وما أنكروه من السنة، وهم ما بين مستقل من ذلك، ومستكثر، ومنهم المفرقون بين أحاديث الأحكام وأحاديث الصفات،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015