في تلك الظروف بالذات، بعد أن كافح كفاح الأحرار والأبطال في ميدان الصحافة والدفاع عن حقوق الشعب. وهذا الرائد البطل هو الصحفي المغامر الشيخ الهاشمي ابن المكي صاحب جريدة "أبو قشة"، الذي ناله من اضطهاد الاستعمار لحريته ولصحفه وكلماته الشيء الكثير، حتى اضطر عام 1909 إلى الهجرة إلى الشرق الأقصى بعد الاستقرار بعض الوقت بطرابلس حيث أعاد إصدار صحيفة "أبو قشة" المعطلة بتونس (?).

* الحدث الحاسم:

كل هذه العوامل حركت في الشيخ نوازع السفر. ولكن عاملاً آخر حاسماً حدث في عام (1330/ 1912) حين شارك الشيخ الخضر في مناظرة للتدريس من الطبقة الأولى بجامع الزيتونة، وكان هو في الطبقة الثانية، فحرم من النجاح باطلاً وعدواناً، وهو النجاح الذي كان يستحقه "بما أبدى من الكفاءة والتفوق" (?)؛ إذ أن لجنة المناظرة، وهي مكونة من شيوخ تقليديين، قدمت عليه أحد أبنائها، رغم تفوق الشيخ الخضر عليه علماً وأدباً، ومقدرة في إلقاء درس المناظرة بالذات، فحز في نفسه أن تكون سياسة الظلم والمحاباة مسيطرة على الحياة العلمية بتونس، وعلى علماء الزيتونة الكبار بالذات.

ويظهر لي: أن الشيخ الخضر بدأ منذ هذه الحادثة يفكر جدياً في الهجرة نهائياً إلى الشرق، ولكنه فضل القيام برحلة استطلاعية لمعرفة الأحوال هناك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015