وللحرية أيضاً، ويظهر أن النزعة الاستقلالية والانفصالية عن الخلافة التي كانت قد بدأت تنتشر بين كثير من الحركات والزعماء في الشرق لم تجد لها صدى في تونس يومئذ؛ إذ كان جميع الزعماء والعلماء الذين ينفون من تونس، أو يهاجرون منها، يقصدون رأساً عاصمة الخلافة. وهو أمر يسهل تفسيره وتبريره في تلك الظروف.
* المكي بن عزوز:
ولكن الشيخ الخضر كان يجذبه لبلاد الشرق ولعاصمة الخلافة بالذات حافز آخر، بالإضافة إلى ما كان يجذب غيره، وهو الجاذب العائلي والنفسي، فقد كان خاله العلامة الشيخ المكي بن عزوز قد سبقه إلى الهجرة إلى المشرق في ظروف مماثلة تقريباً (?)، واستقر في الآستانة عاصمة الخلافة بالذات، ونال فيها حظوة ومكانة مرموقة، كما نشر فيها العديد من كتبه ورسائله العلمية (?)، فكان هذا الحافز العائلي محركاً آخر خاصاً بالشيخ الخضر. أما العنصر النفسي، فهو تشوقه الدائم إلى الشرق، ورغبته في أن يرى مهبط الوحي، وأماكن الإسلام الأولى، خاصة وأن نهضة الشرق في ميدان العلوم والآداب والصحافة، كانت متقدمة أشواطاً عن مثيلاتها في المغرب العربي؛ لأسباب تاريخية واستعمارية معروفة.
وزاده شوقاً إلى الرحلة: إقدام مواطن آخر من أهل الجريد على الهجرة