والآية ظاهرة في أن الذي ضرب ببعض البقرة صار حياً بعد أن زهقت روحه.
وقد تعاطى تفسير الآية شيخان معاصران، أحدهما كتب في التفسير، والآخر كتب في قصص الأنبياء، وقد ذهبا مذهب التعسف في التأويل.
أما الكاتب في التفسير، فقد جعل آيات: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا} من تتمة القصة المبتدأة بالأمر بذبح البقرة كما يقول أهل العلم من السلف، ولكنه يرى أن ذبح البقرة وسيلة عندهم للفصل في الدماء عند التنازع في أمر القتل، لتعرُّف الجاني.
وقال: "فمن غسل يده، وفعل ما رسم لذلك في الشريعة - أي: شريعتهم- برئ من الدم، ومن لم يفعل، تثبت عليه الجناية". ومعنى إحياء الموتى-على تفسيره-: حفظ الدماء التي كانت عرضة لأن تسفك بسبب الخلاف في قتل تلك النفس التي يحييها بمثل هذه الأحكام، وهذا الإحياء على حد قوله تعالى {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32]، وقوله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179]، فالإحياء هنا معناه: الاستبقاء كما هو المعنى في الآيتين". والمؤلف في قصص الأنبياء قد جعل آيات: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} قصة مستقلة عن قصة ذبح البقرة المشار إليها بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}، وزعم أن قوله تعالى: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا} بمعنى: اضربوا المتهم ببعض النفس، وهي القتيل، فإذا كان قاتلاً، ظهر عليه انفعال نفسي ورعدة يعلم بسببها أنه القاتل دون سواه، أو هو على اتصال به. وجرى في تأويل قوله تعالى: {كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى} على ما جرى