عليه سلفه في التفسير.
وكل من هذين الرأيين مخالف لما ورد عن السلف، وبعيد عن أسلوب القرآن وبلاغته، ولو كان المراد من قوله: {يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى} معنى الآيتين، لقال مثلاً: كذلك يحيي الله الناس، أو قال: ولكم في هذا الحكم حياة.
{وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}:
الآيات: الدلائل. والمعنى: يجعلكم مبصرين الدلائل الدالة على أنه قدير على كل شيء؛ من إحياء ذلك القتيل وغيره؛ لكي تستعملوا عقولكم في تعرف سبيل الرشد؛ فإن من لا يستعمل عقله متحرياً هذا السبيل، فهو كمن لا عقل له.
{ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ}:
{قَسَتْ}: من القسوة، وهي الصلابة. ونقيضها: الرقة. ووصف القلوب بالصلابة والغلظ يراد منه نبُوها عن الاعتبار، وعدم تأثرها بالمواعظ، وخلوها من الإنابة والإذعان لآيات الله، واسم الإشارة {ذَلِكَ} مشار به إلى إحياء القتيل، أو إلى جميع المعجزات الواردة في الآيات السابقة.
{فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}:
الحجارة: جمع حجر، وهو الصخرة. وحرف (أو) للتنويع؛ فإن قلوبهم متفاوتة في القسوة، منها ما هو قاس كالحجارة، ومنها ما هو أشد قسوة منها.
والمعنى: فبعض قلوبهم كالحجارة، وبعضها أشد من الحجارة، فصاغ القرآن هذا المعنى في صورة موجزة، فقال: {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}. وقال: {أَشَدُّ قَسْوَةً}، ولم يأت بأفعل التفضيل، فيقل: أقسى؛