قال تعالى: {لاَ الشمس يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القمر وَلاَ اليل سَابِقُ النهار وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40] ، هذه الآية على ظاهرها تدلُّ على أنّ للشمسِ مداراً، وللقمر مداراً، ومدارُ الشمسِ لا يتّصلُ بمدارِ القمرِ، ولن تصطدمَ الشمسُ بالقمرِ، بل {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} ، يؤكِّدُ هذا المعنى قولُه تعالى: {إِنَّ الله يُمْسِكُ السماوات والأرض أَن تَزُولاَ} [فاطر: 41] ، وقولُه: {أَن تَزُولاَ} ، أيْ: أنْ تنحرفا، والزوالُ في وقتِ الظهيرةِ انحرافُ الشمسِ عن كَبِدِ السماءِ.
لقد فُهِم مِن هذه الآيةِ أنّ كلَّ كوكبٍ في الفضاءِ له مدارٌ يدورُ فيه، حتى إنّ بعضَهم حينما تلا قوله تعالى: {والسمآء ذَاتِ الرجع} [الطارق: 11] ، رأَى أنّ هذه الآيةَ فيها أدقُّ وصفٍ للسماءِ، فما مِن كوكبٍ أو نجمٍ في السماءِ إلا وله مدارٌ يدورُ فيه، ويعودُ إلى مكان انطلاقه بعد حينٍ، فهذا المذنَّبُ الذي يرقبه الناس كل يوم، مذنَّبُ هالي، منذ أنْ خَلَقَ اللهُ السماواتِ والأرضَ يدورُ في مدارٍ لا يَحيدُ عنه قيدَ أَنْمُلَةٍ، يصلُ إلى نقطةٍ تقتربُ مِنَ الأرضِ ثلاثمئة مليون كيلومترٍ، له ذيلٌ يزيدُ طولُه على ثلاثة وتسعين مليون كيلو مترٍ، ويخافُ الناسُ أنْ يبقى في سيرِه مستقيماً فيرتطمَ بالأرضِ، أما الآيةُ الكريمةُ فتقولُ: {إِنَّ الله يُمْسِكُ السماوات والأرض أَن تَزُولاَ} .
إنّ بقاءَ هذا المذنَّبِ في مدارِه ملايينَ السنين، وبقاءَ الأرضِ في مدارِها ملايينَ السنين، وبقاءَ الشمسِ في مدارِها ملايينَ السنين في حدِّ ذاته آيةٌ عظيمةٌ، جلَّتْ مِن آيةٍ، قال تعالى: {لاَ الشمس يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القمر وَلاَ اليل سَابِقُ النهار وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} .
كلُّ كوكبٍ له مدارٌ لا يزيدُ ولا ينقص، لا يُسرِعُ ولا يُبطِىء.