قال: إذا قمت إليها، فاعلم أن الله مقبل عليك، فأقبل على من هو مقبل عليك، واعلم بأن جهة التصديق لقلبك أنه قريب منك، قادر عليك، فإذا ركعت فلا تؤمل أن تقوم، ومثل الجنة عن يمينك، والنار عن يسارك، والصراط تحت قدميك، فإذا فعلت، فأنت مصل. فالتفت عاصم إلى أصحابه، وقال: قوموا نعي الصلاة التي مضت من أعمارنا.

أتسهو في صلاتك؟

قيل لعامر بن قيس: أما تسهو في صلاتك؟ قال: أو حديث أحب إليَّ من القرآن حتى أشتغل به، هيهات! مناجاة الحبيب تستغرق الإحساس.

وكان مسلم بن يسار لا يلتفت في صلاته، ولقد انهدمت ناحية في المسجد فزع لها أهل السوق، فما التفت. وكان إذا دخل منزله سكت أهل بيته فإذا قام يصلي تكلموا وضحكوا علما منه أن قلبه مشغول، وكان يقول في مناجاته: إلهي متى ألقاك وأنت عني راض؟.

وعن معمر الموذن قال: صلى إلى جنبي سليمان التيمي بعد العشاء الآخرة فسمعته يقرأ قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: 1] فلما أتى قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الملك: 27] وجعل يرددها حتى خف أهل المسجد وانصرفوا.

قال: فخرجت وتركته، وعدت لأذان الفجر فإذا هو في مقامه فسمعت: فإذا هو يقرأ ولم يجزها حتى أصبح.

فقيل له: يا سليمان التيمي من مثلك؟

فقال: لا تقولوا هكذا، لا أدري ما يبدو لي من ربي عز وجل، قال تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: 47].

قال القاسم بن معن: رأيت أبا حنيفة قام ليلة كاملة يصلي ويردد قوله تعالى: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 46] ويبكي ويتضرع حتى أُذن لصلاة الفجر.

وعن ابن عباس قال: لأن أقرأ البقرة في ليلة وأتفكر فيها أحبُّ إليُّ من أن أقرأ القرآن هذرمة.

وكان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود من الخشوع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015