له أحدهم في تلك الليلة الحمراء، يقول له: يا أخي قل: لا إله إلا الله، فيرد عليه الشاب -عياذًا بالله- إليك عني، زدني كأس الخمر، تعالي يا فلانة، ثم فاضت روحه إلى الله على تلك الحال السيئة، نسأل الله تعالى السلامة والعافية.
ثم كان حال الثلاثة الآخرين لما رأوا صاحبهم وما آل إليه أمره أنهم أخذوا يبكون، وخرجوا من المرقص تائبين، وجهزوا صاحبهم، وعادوا به إلا بلاده محمولاً في تابوت، ولما وصلوا المطار فتحوا التابوت ليتأكدوا من جثته، فلما نظروا إلى وجهه فإذا عليه كدرة وسواد.
كان يقف رجل بإزاء داره، وكان باب داره يواجه باب الحمام، فمرت جارية لها منظر، فقالت: أين الطريق إلى حمام منجاب؟ فقال: هذا حمام منجاب.
فدخلت الدار، ودخل وراءها، فلما رأت نفسها في داره وعلمت أنه خدعها أظهرت له البشرى والفرح باجتماعها معه، وقالت: يصلح أن يكون معنا ما يطيب به عيشنا وتقر به عيوننا.
فقال لها: الساعة آتيك بكل ما تريدين وتشتهين، وخرج وتركها في الدار ولم يغلقها، فأخذ ما يصلح ورجع، فوجدها قد خرجت وذهبت، ولم تخنه في شيء، فهام الرجل وأكثر الذكر لها، وجعل يمشي ويقول:
يا رب قائلة يومًا وقد تعبت ... كيف الطريق إلى حمام منجاب
فبينما هو يقول ذلك إذا بجارية أجابته:
هلا جعلت سريعًا إذ ظفرت بها ... حرزًا على الدار أو قفلاً على الباب
فازداد هيمانه واشتد، ولم يزل على ذلك حتى كان هذا البيت آخر كلامه من الدنيا، فعندما أتاه ملك الموت قيل له: قل: لا إله إلا الله، جعل يقول: أين الطريق إلى حمام منجاب (?).
ذكر ابن الجوزي: أن عبده بن عبد الرحيم كان من المجاهدين كثيرًا في بلاد الروم، فلما كان في بعض الغزوات والمسلمون يحاصرون بلدة من بلاد الروم، إذ نظر إلى امرأة