قال الراوي: حدثني أحدهم قال: كنت مسافرًا في دراسة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كان شأني شأن كثير من الشباب الذين يقضون الليل في الملهى والرقص، وذات يوم كنا آيبين من لهونا وعبثنا، وتقدم بعضنا إلى الإسكان، أما واحد منا فقد استبطانأه وقلنا: لعله يأتي بعد سويعة، ولم نزل ننتظره لكنه لم يأت، فنزلنا نبحث عنه يمينًا وشمالاً، ثم قلنا أخيرًا: لابد أنه في الموقف الذي يجعل للسيارة تحت البناء، فدخلنا الموقف فوجدنا أن محرك السيارة ما زال مشتغلاً وصاحبنا ساكن لا يتحرك، والموسيقى لا تزال ترن منذ آخر الليل حتى اللحظة التي فتحنا فيها باب السيارة، فتحنا الباب، ونادينا: يا أخانا، يا صاحبنا، فإذا به قد انقطع عن الدنيا منذ اللحظة التي وقفت فيها سيارته في ذلك الموقف، وكانت هذه النهاية المحزنة لذلك الشاب قد أشعلت في قلوب الكثير من أولئك الشباب يقظة وتوبة وإنابة إلى الله تعالى، فعادوا إلى الله تائبين وما شربوا بعدها وما فجروا، بل استكانوا وأنابوا بفضل الله ثم بتدبرهم لحال صاحبهم الذي مات على معصية الله، وكانت نهايته موعظة لمن يريد الاتعاظ.
وها هو شاب من أولئك المنحرفين الذين كانوا يسافرون إلى "بانكوك" للفسق والدعارة، بينما كان في سكره وغيه ينتظر خليلته، وقد تأخرت عليه فما هي إلا لحظات حتى أقبلت عليه، فلما رآها خر ساجدًا لها تعظيمًا، ولم ينهض من تلك السجدة الباطلة إلا وهو محمول على الأكتاف قد فارق الحياة، فنعوذ بالله من سوء الخاتمة.
وها هم أربعة من الشباب، كانوا يعملون في دائرة واحدة، مضت عليهم سنين وهم يجمعون رواتبهم، فإذا سمعوا ببلد يفعل الفجور طاروا إليه، وبينما هو في ذات يوم جالسين إذ سمعوا ببلاد لم يذهبوا إليها، وعقدوا العزم أن يجمعوا رواتبهم هذه المرة ليسافروا إلى تلك البلاد التي حددوها، وجاء وقت الرحلة وركبوا طائرتهم ومضوا إلى ما يريدون، ومر عليهم أكثر من أسبوع في تلك البلاد وهم بين زنا وخمور، وفعال لا ترضي الرحمن، بينما هم في ليلة من الليالي، وفي ساعة متأخرة من الليل، يجاهرون الله تعالى بالمعصية والفجور، نعم بينما هم في غمرة اللهو والمجون إذا بأحد الأربعة يسقط مغشيًا عليه، فيهرع إليه أصحابه الثلاثة فيقول