من نساء الروم في ذلك الحصن فهويها، فراسلها: ما السبيل إلى الوصول إليك؟
فقالت: أن تتنصر، وتصعد إلي، فأجابها إلى ذلك، فما أراع المسلمين إلا وهو عندها، فاغتم المسلمون بسبب ذلك غمًّا شديدًا، وشق عليهم مشقة عظيمة، فما كان بعد مدة مروا عليه، وهو مع تلك المرأة في ذلك الحصن، فقالوا: يا فلان، ما فعل القرآن معك؟! ما فعل صيامك؟! ما فعلت صلاتك؟! ما فعل قرآنك؟! ما فعل علمك؟! ما فعل جهادك؟!
فقال: اعلموا أني أنسيت القرآن كله إلا قوله: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)} [الحجر: 2 - 3].
وقد صار لي فيهم مال وولد!! توفي ذلك المرتد القبيح في سنة ثمان وسبعين ومائتين.
يروي عمار بن دينار فيقول: كان رجل من أهل المدينة له أخت فماتت، فجهزها وحملها إلى قبرها، فلما دفنت ورجع إلى أهله، تذكر أنه نسى كيسًا كان معه في القبر، فاستعان برجل من أصحابه، فأتيا القبر، فنبشاه، فوجدا الكيس.
فقال للرجل: تنح حتى أنظر على أي حال أختي؟
فرفع بعض ما على اللحد، فإذا القبر يشتعل نارًا، فرده، وسوى القبر، ورجع إلى أمه، فسألها عن حال أخته، فقالت: كانت تؤخر الصلاة عن وقتها، ولا تصلي فيما أظن بوضوء، وتأتي أبواب الجيران فلتقم أذنها أبوابهم، فتخرج حديثهم (?).
احذر تأخير الصلاة عن وقتها، وخاصة صلاة الفجر.
يقول الغزالي في الإحياء: تفكر في ازدحام الخلائق واجتماعهم، حتى ازدحم على الموقف أهل السموات السبع والأرضين السبع من ملك وجن وشيطان ووحش وسبع وطير، فأشرقت عليهم الشمس وقد تضاعف حرها، وتبدلت عما كانت عليه من خفة