فعجب الشاب من براعة الأستاذ في إجابته التي لم يكن يتوقعها من المشايخ والوعاظ، وأجاب الشاب: إني أحلق لحيتي لأني أعتبرها قذارة يجب التخلص منها.
فقال الأستاذ: ولماذا لا تحلق بقية شعرك؟ شعر الرأس والحاجبين والشارب ما دام الشعر في نظرك قذارة؟
فأجاب الشاب: لا يا أستاذ ليس كل الشعر في مستوى واحد، فأنا أحلق شعر عانتي وإبطي بحكم الشرع الشريف باعتباره قذارة.
فقال الإمام: الحمد لله .. فقد اعتبرت لحيتي من نوع شعر الرأس والشارب، وأما لحيتك فقد اعتبرتها من نوع عانتك!!
وهكذا كان هذا الجواب البارع صفعة أخرى لهذا الشاب الساخر، ما كان ينتظرها، وشعر بالخزي والخجل، وقال: حقًا إنك أظرف سُني رأيته في حياتي .. لقد أردت أن أسخر منك فسخرت أنت مني.
فأجابه الأستاذ قائلاً: إن الإسلام قضيته أكبر من اللحية التي تتكلم عنها، وأنتم معشر الشباب لا تفهمون من الإسلام إلا اللحية والصلاة والصيام، ولكن الإسلام رسالة عامة، تتناول الدين والدنيا، ونظام الحياة، ومنهاجها الكامل في كل شئون الحياة .. وتحدث له الأستاذ عن عظمة الإسلام وآفاقه العليا بصورة موجزة .. فأعجب الشاب من هذا التصوير الجديد (?).
كان من نعم الله عز وجل على عليَّ بن أبي طالب، وما وضع الله له، وأراد به من الخير أن قريشًا أصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال رسول الله للعباس عمه -وكان من أيسر بني هاشم- يا عباس، إن أخاك أبا طالب كثير العيال، وقد ترى ما أصاب الناس في هذه الأزمة، فانطلق بنا فلنخفف عنه من عياله، آخذ من بنيه واحدًا وتأخذ واحدًا، فنكفيهما عنه. فقال العباس: نعم .. فانطلقا حتى أتيا أبا طالب، فقالا له: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس