والمجون، لقد ولدت تلك الليلة من جديد، وأصبحت مخلوقا آخر لا صلة له بالمخلوق السابق، وأول شيء فكرت فيه: التخلص من العمل في ذلك المحل، والبحث عن عمل شريف يرضي الله عز وجل، ولكن، أأنجو بنفسي وأدع الناس في غيهم وضلالهم؟ فرأيت أن أعمل في محل الفيديو سنة أخرى ولكنها ليست كالسنوات السابقة، لقد كنت في تلك السنة أنصح كل من يرتاد المحل بخطورة هذه الأفلام، وأبين لهم حكم الله فيها، راجيا أن يغفر الله لي، ولم تمض الأيام حتى جاء شهر رمضان .. هذا الشهر الذي لم أشعر بحلاوته إلا في هذه السنة؛ فقد أقبلت على قراءة القرآن، أما العمل فقد كان بجوار محل الفيديو الذي كنت أعمل فيه، تلك تسجيلات لبيع الأشرطة الإسلامية وما إن مضت السنة الخامسة حتى انتقلت إلى تلك التسجيلات الإسلامية .. وشتان بين العملين .. أما صاحب المحل السابق محل الفيديو فقد قمنا بنصحه وتذكيره بالله ونحمد الله أنه استجاب وترك المحل لوجه الله (?).
جلس الحسن البصري ذات يوم في مسجد البصرة الكبير يفسر قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: 16] ثم وعظ الناس وعظا بليغا حتى أَبكاهم وكان من بينهم شاب يقال له عتبة، فقام وقال: أيها الشيخ، أيقبل الله تعالى الفاسق الفاجر مثلي إذا تاب؟
فقال الحسن: نعم يقبل توبتك عن فسقك وفجورك، فلما سمع الشاب ذلك صاح صيحة وخر مغشيا عليه، فلما أفاق دنا الحسن البصري منه وقال له:
أيا شاب لرب العرش عاص ... أتدري ما جزاء ذوي المعاصي
سعير للعصاة لها زفير ... وغيظ يوم يؤخذ بالنواصي
فإن تصبر على النيران فاعصه ... وإلا كن عن العصيان قاصي
وفيم قد كسبت من الخطايا ... رهنت النفس فاجهر في الخلاص