قال رجل لعلي بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما: لقد علمناك من أبر الناس بأمك فلماذا لا تأكل معها في صفحة واحدة؟
فقال له: لأني أخاف أن تسبق يدي يدها إلى ما تسبق عيناها إليه فأكون قد عققتها.
ورأي عمر بن عبد العزيز أحد أبنائه في يوم عيد، وعليه ثوب خلق -أي قديم بال- فدمعت عيناه، فرآه ولده فقال له: ما يبكيك يا أمير المؤمين؟
قال: يا بني أخشى أن ينكسر قلبك إذا رآك الصبيان بهذا الثوب الخلق.
فقال له ابنه: يا أمير المؤمنين إنما ينكسر قلب من أعدمه الله رضاه، أو عق أمه وأباه، وإني لأرجو أن يكون الله تعالى راضيا عني برضاك (?).
سيدنا إسماعيل لم يقل لأبيه: وما ذنبي؟ وهل تطاوعك نفسك أن تذبحني بيدك؟ أو ما جوابك لأمي؟ إنه غلام حليم كما وصفه الله عز وجل: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات: 102].
عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله تعالى بصالح أعمالكم، قال رجل منهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق (أقدم في الشراب) قبلهما أهلا ولا مالا فنأي بي طلب الشجر يوما فلم أرح عليهما حتى ناما فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين، فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلا ولا مالاً فلبثت والقدح في يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر والصبية يتضاغون عند قدمي فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج منه، قال الآخر: اللهم إنه كانت لي ابنة عم كانت أحب الناس إلى فأردتها على نفسي فامتنعت مني حتى ألم بها سنة