أمك"، قال: ثم من؟ قال: "ثم أبوك" [رواه البخاري].
قال القرطبي: فهذا الحديث يدل على أن محبة الأم والشفقة عليها ينبغي أن تكون ثلاثة أمثال محبة الأب وذلك لصعوبة الحمل، وصعوبة الوضع، وصعوبة الرضاعة.
وجاء عن مالك أن رجلا قال له: إن أبي في السودان، وقد كتب لي أن أقدم عليه، وأمي تمنعني من ذلك، فقال له: أطع أباك ولا تعص أمك.
وقال المحاسبي في كتاب الرعاية: لا خلاف بين العلماء أن للأم ثلاثة أرباع البر وللأب الربع.
أبصر أبو هريرة - رضي الله عنه - رجلين فقال لأحدهما: ما هذا منك؟
فقال: أبي، فقال أبو هريرة: لا تسمه باسمه، ولا تمش أمامه، ولا تجلس قبله.
وسئل الفضيل بن عياض عن بر الوالدين فقال: لا تقوم إلى خدمتهما وأنت كسلان، ولا ترفع صوتك عليهما، ولا تنظر إليهما شزرا، ولا يريا منك مخالفة في ظاهر أو باطن، وأن تترحم عليهما ما عاشا وتدعو لهما إذا ماتا.
ومن البر: إكرامهما، وعدم رفع الصوت عليهما وعدم مقاطعتهما أثناء الكلام، وعدم الخروج من الجدار إلا بإذنهما، وتقبيل أيديهما، ومخاطبتهما بلطف، والنهوض لهما إذا دخلا عليه، وعدم إزعاجهما إذا كانا نائمين، وعدم تفضيل الزوجة والولد عليهما، وعدم مد اليد إلى الطعام قبلهما، وعدم النوم وهما جالسان إلا إذا أذنا بذلك، وعدم مد الرجلين أمامهما، وعدم المشي أمامهما، وإكرام أصحابهما في حياتهما وبعد موتهما، وعدم مصاحبة إنسان غير بار بوالديه، والدعاء لهما.
عن أبي غسان قال: خرجت أمشي مع أبي بظهر الحرة فلقيني أبو هريرة فقال: من هذا؟ قلت: أبي.
قال: لا تمش بين يدي أبيك ولكن امش خلفه، أو إلى جانبه، ولا تدع أحدا يحول بينك وبينه، ولا تمش فوق سطح أبيك، ولا تأكل عرقا قد نظر أبوك إليه لعله قد اشتهاه.