من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت فلما قعدت بين رجليها، قالت. اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فانصرفت عنها وهى أحب الناس إلي وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها، فقال الثالث: اللهم إني استأجرت أجراء وأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله أد إلى أجري، فقلت: كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبد الله لا تستهزيء بي فقلت: لا أستهزيء بك، فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون" [متفق عليه].
من العقوق أن يعتبر الولد نفسه مساويا لأبيه، وأن يتعاظم عن تقبيل يدي والديه، ومن العقوق أن يستحي أن يُعرف بأبيه لاسيما إذا كان الولد في مركز مرموق، ومن العقوق ألا يقوم بحق النفقة على أبويه الفقيرين، ومن العقوق أن يرفع الولد صوته على أبيه.
لا يخفى على أحد أن دعاء الوالدين مستجاب ولو كانا كافرين، وكانت أم جريج تنادي على ابنها جريج فلم يجبها فدعت عليه قائلة: اللهم أر جريجا الفاسقات، وكانت بنو إسرائيل إذا ذكر جريج بينهم يثنون عليه، لكثرة عبادته، فسمعت امرأة فاسقة ما يقولون فقالت: إن شئتم لأفتننه، قالوا: قد شئنا، فجاءت إليه لتفتنه فلم يلتفت إليها، فخرجت من عنده غاضبة، وذهبت إلى راع ففعلت معه الفاحشة، فحملت وولدت غلاما، فقال الناس لها: ممن هذا الغلام؟ قالت: من جريج، فأتوه فاستنزلوه فشتموه وضربوه، وهدموا صومعته فقال: ما شأنكم؟ قالوا: إنك فعلت الفاحشة بهذه المرأة فولدت غلاما، قال: وأين هو؟ قالوا: ما هو ذا، فقام وصلى، ثم انصرف إلى الغلام فضربه على بطنه، فقال له: يا غلام من أبوك؟ قال: أنا ابن الراعي، فوثبوا إلى جريج فجعلوا يقبلونه، وقالوا أنبني صومعتك من ذهب، قال: لا حاجة لي في ذلك، ابنوها من طين كما كانت.