فقال الغلام: هنيئا لي الشهادة إن أدركتني السعادة، والله إن القتل في سبيل الله أحب إلي من أن أرجع إلى أهلي صفر اليدين.

فأمر له الحجاج بجائزة وقال: يا غلام قد أمرنا لك بمائة ألف درهم، وعفونا عنك، لحداثة سنك وصفاء ذهنك، وحسن توكلك على الله، وإياك والجرأة على أرباب الأمر، فتقع مع من لا يعفو عنك.

فقال الغلام: العفو بيد الله لا بيدك، والشكر له لا لك، ولا جمع الله بيني وبينك ... ثم همَّ بالخروج فابتدره الغلمان، فقال الحجاج: دعوه، فوالله ما رأيت أشجع منه قلبا، ولا أفصح منه لسانا، ولعمري ما وجدت مثله قط، وعسى هو أن يجد مثلي، فإن عاش هذا الغلام ليكونن أعجوبة عصره.

***

طور بواسطة نورين ميديا © 2015