وإحسانك يا أرحم الراحمين (?).

تخيل نفسك مكان عامر بن عبد الله ماذا سيكون موقفك؟

قمة في العفو

يقول الحسن بن الحسن: وقعت بيني وبين ابن عمي زين العابدين جفوة، فذهبت إليه وأنا أتميز غيظا منه، وكان مع أصحابه في المسجد، فما تركت شيئا إلا قلته له، وهو ساكت لا يتكلم، ثم انصرفت، فلما كان الليل إذا طارق على الباب يقرعه، فقمت إليه لأرى من، فإذا زين العابدين، فما شككت أنه جاء يرد إلي الأذى، ولكنه قال: يا أخي إن كنت صادقا فيما قلت لي، فغفر الله لي، وإن كنت غير صادق، فغفر الله لك، ثم ألقى علي السلام، ومضى، فلحقت به وقلت له: لا جرم، لا عدت إلى أمر تكرهه، فرقَّ لي وقال: وأنت في حل مما قلت لي.

وروى أحد أبناء المدينة قال: كان زين العابدين خارجا من المسجد فتبعته، وجعلت ألوح له بالشتم، ولست أدري سببا لذلك، فهاج علي الناس يريدون أخذي، ولو أخذوني لم يفلتوني حتى أحطم، فالتفت إلى الناس، وقال: كفوا عن الرجل، فكفوا عني، ولما رأى ما أصابني من الذعر أقبل علي بوجهه الطلق، وجعل يؤمنني ويهدئ من روعي ثم قال لي: لقد سببتنا بما علمت، وما ستر عليك من أمرنا أكبر، ثم قال لي: ألك حاجة نعينك عليها؟ فاستحييت منه، ولم أقل شيئا، فلما رأى حيائي ألقى علي كساء كان عليه، وألقى لي بألف درهم، فجعلت أقول كلما رأيته بعد ذلك: أشهد أنك من أبناء الرسول.

وروى أحد مواليه قال: كنت غلاما لعلي بن الحسين، فأرسلني في حاجة فأبطأت عليه، فلما جئته خفقني بالسوط فبكيت واشتد غيظي منه، لأنه ما خفق أحدا قبلي قط، وقلت له: الله الله، يا علي بن الحسين، أتستخدمني في حاجة فأقضيها لك، ثم تضربني؟ فبكى وقال: اذهب إلى مسجد رسول الله، وصل ركعتين، ثم قل: اللهم اغفر لعلي بن الحسين، فإذا ذهبت وفعلت، فأنت حر لوجه الله تعالى، فذهبت وصليت ودعوت، ولم أعد إلى داره إلا وأنا حر (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015