وعلى هذا فإن الرقابة في أخلاقنا الإسلامية لها مدلولها المستقل والمختلف عن الرقابة في مصادر الأخلاق الأخرى، حيث تكون رقابة خارجية من الغير تتمثل في رقابة السلطة، والأفراد (?).

أما الرقابة في الإسلام فهي رقابة ذاتية في المقام الأول، وهي رقابة نابعة من التربية الإسلامية الصحيحة، ومن إيقاظ الضمير، فإذا كان المسلم يعلم أن الله معه، وأنه مطلع على حركاته وسكناته، فإنه يكون رقيباً على نفسه ولا يحتاج إلى رقابة الغير عليه، يقول تعالى: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ [الحديد: 4]، ويقول سبحانه: يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى [طه: 7]، ويقول عز وجل: إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: 1]، فإذا قرأ المسلم هذه الآيات وعرف معناها فإنه حينئذ يتيقن أنه إذا تمكن من الإفلات من رقابة السلطة، فإنه لن يتمكن من الإفلات من رقابة الله، وهذا في حد ذاته أكبر ضمان لعدم الانحراف والانسياق إلى الأخلاق المذمومة (?).

ثامناً: تراعى التدرج:

التدرج في إلقاء الأوامر، بتقديم الأهم على المهم، واجتناب الأفحش، والسهولة واليسر ... وهو أهم ما يميز أخلاقنا الإسلامية، فهي لا تطلب من الناس العمل بما لا يطاق، ولا بالمستحيل.

تاسعاً: الجزاء على الخير والشر:

الجزاء من جنس العمل – كما يقال – وأخلاق الإسلام تعطي الجزاء لكل من يعمل خيراً، أو يقترف شراً. هذا الجزاء قد يكون في الدنيا، وقد يكون في الآخرة.

فالأخيار من الناس: جزاؤهم عظيم في الدنيا والآخرة:

أما جزاؤهم في الآخرة: فتشير إليه آيات كثيرة منها:

قوله تعالى: وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة: 72].

قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ [البينة: 7 - 8].

وأما جزاؤهم في الدنيا: فتشير إليه آيات منها:

قوله تعالى وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ

- قوله تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ...

والأشرار من الناس: جزاؤهم عظيم في الدنيا والآخرة

أما جزاؤهم في الآخرة: فتشير إليه آيات كثيرة منها

- قوله تعالى: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ...

وأما جزاؤهم في الدنيا: فتشير إليه آيات منها:

قوله تعالى: وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ [النحل: 112].) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015