ونعني بالمسؤولية الشخصية: إن الإنسان مسؤول عما يصدر منه عن نفسه إن كان خيراً فخيراً، وإن كان شراً فشراً، وفي هذا الصدد يقول الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ [فصلت: 46].
ويقول سبحانه: كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور: 21].
ويقول عز وجل: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الإسراء: 15].
ويقول تعالى: وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ [النساء: 111].
ويقول تعالى: السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء: 26].
فهذه الآيات وغيرها تبين لنا مدى المسؤولية التي تقع على عاتق الإنسان عما يصدره منه عنه نفسه. ويقول صلى الله عليه وسلم: (( ... وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالا يهوى بها في جهنم)) (?)، يقول ابن حجر في شرح الحديث: (لا يلقى لها بالاً: أي: لا يتأمل بخاطره، ولا يتفكر في عاقبتها، ولا يظن أنها تؤثر شيئاً) (?)، فقبل أن تخرج الكلمة من فيك، أعط نفسك فرصة للتفكير، هل ما ستقوله يرضي الله أم يغضبه؟ هل تكون عاقبته خيراً أم شراً؟ وطالما لم تخرج فأنت مالكها، فإذا خرجت كنت أسيرها، وإذا كان هذا في الكلام ففي سائر التصرفات من باب أولى.
ونعني بالمسؤولية العامة (الجماعية): تلك المسؤولية التي تراعي الصالح العام للناس، فلا يكون الرجل إمعة متكاسلاً، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تكونوا إمعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا)) (?)، وأعلم أن كل كلام الإنسان عليه لا له إلا أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو ذكر الله، كما جاء في الحديث: ((كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو ذكر الله)) (?)، فعليك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وهذا أضعف الإيمان)) (?)، وأعلم: ((إن الناس إذا رأوا منكراً، ولا يغيرونه، أوشك الله أن يعمهم بعقابه)) (?).
سادساً: العبرة بالظاهر والباطن من الأعمال معاً:
أخلاقنا الإسلامية لا تكتفي بالظاهر من الأعمال، ولا تحكم عليه بالخير والشر بمقتضى الظاهر فقط، بل يمتد الحكم ليشمل النوايا والمقاصد، وهي أمور باطنية، فالعبرة إذاً بالنية، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) (?)، ... والنية هي مدار التكليف، وعلى ذلك ننظر إلى نية الإنسان حتى نحكم على عمله الظاهر بالإيجاب أو بالسلب.
سابعاً: الرقابة الدينية:
الرقابة: تعني مراقبة المسلم لجانب مولاه سبحانه في جميع أمور الحياة (?).