معاوية، كما أوردنا.
وقول رابع: وهو قول سعيد بن المسيب، ومجاهد، وعطاء: إن في الأسنان خمسا خمسا، وفي الأضراس بعيران بعيران.
وقول آخر: وهو أن في الثنية خمسا من الإبل، ثم تفضل على التي تليها وتفضل التي تليها على التي تليها، وهكذا إلى آخر الفم وهو قول طاوس (?).
وبعد عرضه لهذا الخلاف اختار أن لا شيء في جناية الخطأ على السن، حيث قال: وإنه إن لم يصح في إيجاب الدية في الخطأ في السن إجماع متيقن، فلا يجب في ذلك شيء أصلا، لما قد ذكرناه من قول اللَّه تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5].
ولقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام" فلا يحل لأحد إيجاب غرامة على أحد إلا أن يوجبها نص صحيح، أو إجماع متيقن -فأما النص الصحيح فقد أمنا وجوده بيقين هاهنا، فكل ما روي في ذلك منذ أربعمائة عام ونيف وأربعين عاما من شرق الأرض إلى غربها قد جمعناه في الكتاب الكبير المعروف بكتاب الإيصال وللَّه الحمد- وهو الذي أوردنا منه ما شاء اللَّه تعالي، فإن وجد شيء غير ذلك فما لا خير فيه أصلا، لكن مما لعله موضوع محدث.
وأما الإجماع - فلسنا نعرفه، وقد قالت الملائكة {لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} [البقرة: 32]، ولو صح عندنا في ذلك إجماع لبادرنا إلى الطاعة له، وما ترددنا في ذلك طرفة عين، فمن صح عنده في ذلك إجماع فليتق اللَّه ولا يخالفه، ومن لم يصح عنده إجماع ولا نص، ففرضه التوقف، ولا يحل له أن يكذب فيدعي إجماعا.