قال أبو محمد: ثم نقول - وباللَّه تعالى التوفيق: إنه لو صح في ذلك إجماع بأن فيها خمسا، فوجه العمل في ذلك أنه لو صح الإجماع المتيقن على أن في الثنية خمسا من الإبل، فواجب كان أن يكون في كل سن، وكل ضرس خمس خمس؛ لأنه قد صح أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الأسنان سواء، الثنية والضرس سواء".

وهذا العموم لا يحل لأحد خلافه، ولا تخصيصه، فواجب حمله على ظاهره، وأنه في القصاص الذي أمر اللَّه تعالى به في القرآن، وأمر هو به عليه الصلاة والسلام بلا شك.

ججج عدم صحة الإجماع لوجود المخالف فيها، وقد قال الماوردي فيما ورد عن عمر ما نصه: واختلف عنه في مفاضلة ديات الأصابع، فروي عنه أنه فاضل بينهما كالأسنان، وروي أنه سوى بينهما وإن فاضل بين الأسنان، واختلف عنه هل رجع عن هذا التفاضل أم لا؟ فحكى قوم أنه رجع عنه، وحكى آخرون أنه لم يرجع، وقد أخذ بما قاله عمر -رضي اللَّه عنه- قوم من شواذ الفقهاء لقضائه بذلك في إمامته وهذا فاسد من وجهين: أحدهما: عموم النص من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "في كل سن خمس من الإبل" وهو اسم يعم كل سن، ولأن اختلاف المنافع غير معتبر فيما تقدرت دياته من وجهين:

أحدهما: أن منافع الميامن من الأعضاء أكثر من منافع مياسرها مع تساوي دياتها.

والثاني: أن منافعها تختلف بالصغر والكبر، والقوة والضعف، ودياتها مع اختلاف منافعها سواء، كذلك الأسنان، وعلى أن لكل سن منفعة ليست لغيره فلم تقم منفعة الثنية مقام منفعة الضرس (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015