وهو منقول عن أبي موسى الأشعري، وأبي هريرة رضي اللَّه عنهما، ومالك بن أنس، والليث بن سعد.
وذهب آخرون إلى أن الآية خاصة بمن حارب ثم فرَّ إلى دار الكفر، ثم رجع إلى دار الإسلام تائبًا، أما من كان مقيمًا في حرابته في دار الإسلام ثم تاب فلا يسقط عنه شيء من حقوق اللَّه أو حقوق الآدميين.
وذهب آخرون إلى أن المراد بالآية من كان محاربًا وله منعة وقوة، كفئة يلجأ إليها تمنعه من السلطان، ثم جاء تائبًا قبل القدرة عليه، فإن توبته تضع عنه كل ما كان من أحْداثه في أيام حِرابته من حقوق اللَّه وحقوق العباد، أما من لم تكن له منعه فلا تسقط عنه حقوق العباد (?).
وهذا القول هو اختيار ابن جرير حيث قال: "وأولى هذه الأقوال في ذلك بالصواب عندي، قولُ من قال: توبة المحارب الممتنع بنفسه أو بجماعة معه قبل القُدرة عليه، تضع عنه تَبِعات الدنيا التي كانت لزمته في أيام حربه وحرابته، من حدود اللَّه، وغرم لازم، وقود وقصاص، إلا ما كان قائمًا في يده من أموال المسلمين والمعاهدين بعينه، فيرد على أهله؛ لإجماع الجميع على أن ذلك حكم الجماعة الممتنعة المحاربة للَّه ولرسوله، الساعية في الأرض فسادًا على وجه الردة عن الإسلام، فكذلك حكم كل ممتنع سعى في الأرض فسادًا، جماعة كانوا أو واحدًا" (?).
فهذا محصل ما ذكره ابن جرير من الأقوال المخالفة لمسألة الباب، وبها يتبين أن المسألة محل خلاف قديم بين السلف.Rيظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع بين أهل العلم، لوجود المخالف من بعض الصحابة والتابعين، ومن بعدهم.