وهذا الرأي نقله ابن عبد البر عن عطاء بن أبي رباح (?).
وقرر ابن حزم أنه قول ابن عباس فقال في "المحلى": "عن عمرو بن دينار قال: كتب نجدة بن عامر (?) إلى ابن عباس: السارق يسرق فتقطع يده، ثم يعود فتقطع يده الأخرى، قال اللَّه تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (?)، قال ابن عباس: بلى، ولكن يده ورجله من خلاف، قال عمرو بن دينار: سمعته من عطاء منذ أربعين سنة".
قال أبو محمد رحمه اللَّه: هذا إسناد في غاية الصحة، ويحتمل قول ابن عباس هذا وجهين:
أحدهما: بلى، إن اللَّه تعالى قال هذا، ولكن الواجب قطع يده ورجله.
ويحتمل أيضًا: بلى، إن اللَّه تعالى قال هذا -وهو الحق- ولكن السلطان يقطع اليد والرجل.
وهذا الوجه الثاني- هو الذي لا يجوز أن يحمل قول ابن عباس على غيره البتة؛ لأنه لا يجوز أن يكون ابن عباس يحقق أن هذا قول اللَّه تعالى ثم يخالفه ويعارضه، إذ لا يحل ترك أمر اللَّه تعالى إلا لسنة عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ناسخة لما في القرآن، واردة من عند اللَّه تعالى بالوحي إلى نبيه عليه السلام، فمن الباطل الممتنع أن يخالف قول ابن عباس قول اللَّه تعالى برأيه، أو بتقليده لرأي أحد دون رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم وهو أبعد الناس من ذلك، وقد دعاهم إلى المباهلة في العول وغيره، وقال في أمر متعة الحج