إلا الإمام (?).

لو جاز أن يعقد الهدنة آحاد الرعية، لكان ذلك افتياتًا على الإمام وتعديًا على سلطانه، وقد يؤدي إلى تعطُّل الجهاد فلا يؤمن أن يهادن الرجل أهل إقليم والمصلحة في قتالهم (?).

• الخلاف في المسألة: يرى بعض الحنفية (?)، وسحنون من المالكية (وقيده في حال الضرورة) (?): أنه لا يقتصر حق إبرام عقد الهدنة على الإمام أو من ينيبه، فيجوز عندهم أن يعقد الموادعة فريق من المسلمين من غير إذن الإمام إن كانت هناك مصلحة للمسلمين. وللإمام أن ينهي الهدنة عند عدم تحقق المصلحة.

• وحجتهم أنهم قالوا: أن المعوَّل عليه وجود المصلحة، وقد وجدت، فجاز ذلك. أن الموادعة أمان، وأمان الواحد كأمان الجماعة (?).Rأن الإجماع متحقق، وما ذكر من خلاف بعض الأحناف وسحنون من المالكية لا يقدح في ثبوت الإجماع وصحته لما يأتي:

1 - ما ذكر من خلاف بعض الأحناف، فالذي يظهر من مذهبهم أنه لو وقع مثل هذه الهدنة فعقد واحد من الرعية بدون إذن الإمام فإنها تصح على أنها أمان، ثم ينظر فيها الإمام فإن رأى فيها مصلحة أمضاها فتقع هدنة وإلا أبطلها، وعندئِذٍ ينتفي الضرر.

يقول محمد بن الحسن الشيباني (198 هـ): (ولو أن مسلمًا وادع أهل الحرب سنة على ألف دينار جازت موادعته، ولم يحل للمسلمين أن يغزوهم، وإن قتلوا واحدًا منهم غرموا ديته؛ لأن أمان الواحد من المسلمين بمنزلة أمان جماعتهم. وإن لم يعلم الإمام بذلك حتى مضت سنة أمضى موادعته وأخذ المال فجعله في بيت المال؛ لأن منفعة المسلمين متعينة في إمضاء الموادعة بعد مضي المدة. . . وإن علم بموادعته قبل مضي السنة، فإنه ينظر في ذلك فإن كانت المصلحة في إمضاء تلك الموادعة أمضاها وأخذ المال فجعله في بيت المال؛ لأن له أن ينشئ الموادعة بهذه الصفة إذا رأى المصلحة فيها، فلأن يمضيها كان أولى. وإن رأى المصلحة في إبطالها رد المال إليهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015