والجواب عن هذه الرواية التي تدل على ترك المرتدين بعد فرض الجزية عليهم:
بأنها خاصة في قوم أسلموا ثم ما لبثوا أن ارتدوا وقد جهلوا أحكام الشَّرْع، بدليل قوله: (وإن كان لم يعرفها)، ولذلك لم يطبق عليهم حكم الرِّدَّة، لفقدان شرط العلم. فهو مقصورٌ على حالة لا تتوافر فيها شروط إقامة الحد على جريمة الرِّدَّة.Rأن الإجماع متحقق على عدم الجزية من المرتد؛ لعدم وجود المخالف المعتبر.
وأما ما روي من خلاف عن عمر بن عبد العزيز، فلا حجة في الاستدلال به على خلاف الإجماع، لأنه متأول بأن المرتد إذا لم ينطبق عليه شروط الرِّدَّة، أو أركانها، كأن يكون جاهلًا أو متأوَّلًا، أو كلاهما، فإنه يمكن حينئذ تعزيره، بالجزية وتغليظها عليه واللَّه أعلم.
• المراد بالمسألة: بيان أوصاف من تجب عليهم الجزية وهذه الأوصاف هي: الذكورة، والعقل، والبلوغ، والحرية، وقد نقل الإجماع على وجوب توفر هذه الأوصاف فيمن تجب عليهم الجزية.
• من نقل الإجماع: الإمام ابن المنذر (318 هـ) حيث يقول: (وأجمعوا على ألَّا تؤخذ من صبي ولا من امرأة جزية، وأجمعوا على أن لا جزية على العبيد) (?).
وأبو العباس المنصوري (نحو 350 هـ) حيث يقول: (وأجمع المسلمون أن الجزية لا تجب على النساء، ولا على الصبيان، ولا على العبيد) نقله عنه ابن القطان (?).
وأبو بكر الجصاص (370 هـ) حيث يقول: (ولا خلاف أن المرأة لا تؤخذ منها الجزية إلا أن يقع الصلح عليه) (?). وقال: (وأيضا لو كانوا عبيدًا لم يجز أن تؤخذ الجزية من رقابهم؛ لأنه لا خلاف أن العبيد لا جزية عليهم) (?).
وابن حزم (456 هـ) حيث يقول: (واتفقوا على وجوب أخذ الجزية من اليهود والنصارى، ممن كان منهم من الأعاجم الذين دان أجدادهم بدين من الدينين قبل مبعث الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يكن معتقًا، ولا بدل ذلك الدين بغيره، ولا شيخًا كبيرًا ولا